تجري الحكومة اليمنية مراجعة شاملة لتقييم نظام مزادات بيع العملات الأجنبية بهدف تطويرها بناءً على ملاحظات البنك وصندوق النقد الدوليين، ومعالجة الاختلالات التي رافقت عملية التنفيذ خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويعتمد البنك المركزي اليمني، الذي يواجه نقصا حادا في النقد الأجنبي من الدولار منذ نهاية العام الماضي، 2021، على آلية خاصة بالمزادات لبيع العملات الأجنبية بهدف تغطية طلبات الاستيراد في اليمن.
وأكدت مصادر مصرفية حكومية، فضلت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، أن هناك توجهات لإجراء تعديلات واسعة على مزادات بيع العملات الأجنبية بما يؤسس لنظام وسياسة نقدية تلائم المرحلة الراهنة بعدما أثبت هذا النظام فعاليته في إعادة ضبط السوق المصرفية بشكل تدريجي وتوفير الدولار لاستيراد السلع والمواد الأساسية.
وأشارت المصادر إلى أن عملية التطوير أصبحت ضرورة ملحة لتوسيع نطاق طلبات الاستيراد وعكس الخطط الإصلاحية الحكومية في النظام المالي والسياسة النقدية المتبعة بما يساهم في تعزيز الشفافية وسلامة الإجراءات المتبعة وإشراك قطاعات مصرفية ومالية في نظام المزادات.
وتكشف بيانات مصرفية رسمية عن إجمالي مبالغ المزادات التي عرضها البنك المركزي اليمني، والتي بدأت في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، 2021، والتي وصلت إلى نحو 35 مزادا بقيمة 650 مليون دولار.
ويشترط البنك المركزي في عدن وجوب التزام الصرافين بمعايير الامتثال، لما لذلك من أهمية في حوكمة العمل وتطبيق أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولوقف الممارسات التي تقود للمضاربة في سعر الصرف والإضرار باستقرار السوق، والتأكيد على أن هناك جهودا مبذولة ستساهم في رفع مبالغ المزادات.
وتتضمن أهم التحسينات المزمع إدخالها على نظام المزادات فتح التغطية على جميع السلع ورفع سقف المزادات إلى 30 مليون دولار، إضافة إلى زيادة حصة البنوك في العطاءات المقدمة إلى 30% من إجمالي مبلغ المزاد، لإعطاء البنوك المشاركة فرصة أكبر لتغطية طلبات عملائها والاستجابة لحاجة السوق المحلي.
المستشار القانوني في الأموال العامة رأفت المعمري يتحدث لـ"العربي الجديد"، عن توسع منافذ غسل الأموال بصورة لافتة منذ منتصف العام الماضي بالتزامن مع الانهيار الكبير في العملة المحلية نتيجة عمليات مضاربة واسعة يرجح أن خلفها جهات مشبوهة مارست عملها بشكل منظم في سحب أكبر قدر من العملات الأجنبية أو استخدام أموال مجمعة من مصادر مجهولة ودفعها في قنوات غير مرئية والعمل على غسلها بطرق غير شرعية.
ويبين المعمري أن الخلل الذي يجب ردمه، وهو المطلب الرئيسي للجهات المانحة والممولة، يتمثل في إعادة الدورة النقدية وتوحيدها ووضع حد لهذا التشتت على مستوى المحافظة أو المنطقة الواحدة، إذ تسبب ذلك في هدر المال العام وعدم القدرة على تحصيل الإيرادات العامة بصورة فاعلة.
وتؤكد جمعية صرافي عدن استعدادها للدخول في عملية المزادات عبر البنوك التجارية والإسلامية وبذل أقصى الجهود في تنفيذ اشتراطات البنك المركزي، بما يحقق الاستقرار ويخدم الصالح العام وخاصة في ما يتعلق بتطبيق معايير الامتثال الدولية والالتزام بضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
في السياق، يقوم البنك الدولي حالياً بعملية تقييم مالية شاملة للقطاع المصرفي في اليمن وتوسيع نطاق هذا التقييم ليشمل جميع المؤسسات المالية والمصارف والهيئات ذات العلاقة.
ويرى الخبير المصرفي عبد الباسط الهوني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة المصرفية لا تزال قائمة حتى مع تنفيذ هذا النظام الخاص بالمزادات، فالعملة المحلية في حالة تدهور واضطراب متواصل وسوق الصرف لم يستقر على الإطلاق في ظل خضوعه لتحكم الصرافين.
ويفيد متعاملون في السوق المصرفية في عدن بأن هناك اضطرابا في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية منذ مطلع الأسبوع الماضي ووصوله إلى أعلى مستوى كما هو معتاد في نهاية كل شهر بعدما تجاوز سعره في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر يونيو/ حزيران الماضي أكثر من 1200 ريال للدولار الواحد.
ويوضح الباحث الاقتصادي مجيب القباطي، لـ"العربي الجديد"، أن تذبذب سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار وبقاء العملة المحلية في مستوى متدهور يعود إلى استمرار الحكومة في استخدام النقد المطبوع لتغطية التزاماتها المالية في صرف رواتب الموظفين المدنيين وجزء من البنود في الموازنات التشغيلية لبعض الدوائر والقطاعات الحكومية.