الحديث عن العقبات المالية واللوجستية التي يواجهها القطاع الخاص اليمني في توفير احتياجات الأسواق المحلية واستيراد السلع الغذائية الأساسية ليس بالأمر الجديد على الساحة المحلية أو الدولية منذ منتصف العام 2022، لكن الجديد في الموضوع يتعلق بمستوى الأسعار التي يمكن أن تصل إليه المواد الغذائية في اليمن وقدرة المواطنين على تحملها في ظل ارتفاع الأسعار الدولية التي وصلت لمستوى 100% وهنا مربض الفرس والتحدي الأكبر الذي لا يمكن لأحد التكهن بمخاطره وعواقبه.
بحسب منظمات ومؤسسات دولية فإن القطاع الخاص اليمني قام بدور كبير في التصدي لتدهور الوضع الإنساني في اليمن من خلال قيام التجار بتسهيل كل شيء من الواردات إلى النقل والإمداد والتحويل النقدي وهذا منع انزلاق البلاد إلى المجاعة الجماعية ،كما تقدم شركات القطاع الخاص إجراءات إغاثية عوضت عن انهيار مؤسسات الدولة.
وألحقت الحرب الجارية أضراراً بالغة بالبنى التحتية الأساسية في أجزاء واسعة من البلاد بما في ذلك الطرق والجسور والمنافذ البرية والبحرية والجوية، وفرضت عوائق وقيود شديدة على حركة المسافرين والتجارة الداخلية والخارجية، وبالتالي، رفعت فاتورة التكاليف على القطاع الخاص اليمني. فمثلاً، أدت المواجهات المسلحة في منطقة حرض-الطوال إلى إغلاق منفذ الطوال منذ مايو/ أيار 2015 وهو أهم المنافذ البرية، مما أوجب على المسافرين والبضائع المرور عبر منفذ الوديعة الذي يبعد عن مناطق الكثافة السكانية في البلاد أكثر من ضعف المسافة تقريبًا، ويكلف وقتًا وجهدًا ومالاً ومخاطر أعلى بكثير مقارنة باستخدام الطرق المعتادة.
ناهيك عن تحول معظم الشحنات التجارية إلى ميناء عدن ثم تمر بسلسلة طويلة من نقاط التفتيش على طول الطرق البرية قبل الوصول إلى مخازن التاجر في صنعاء وغيرها من المدن، مما يعرضها للتأخير ويحملها أعباء مالية عالية بما فيها الازدواج الجمركي.
لا يتوقف الأمر عند حدود الشحن البحري الذي أصبح عالي التكلفة وتهاوي العملة وصعوبة الحصول على الدولار للاستيراد وتفكك النظام المالي والمؤسسات النقدية، بل امتد ذلك إلى النقل الداخلي وارتفاع تكاليف الشحن التجاري الجوي مع تعرض المطارات اليمنية لأضرار بالغة مع توقف معظم المطارات اليمنية العاملة، في حين اقتصرت عودتها للعمل على مطاري عدن وسيئون وحصر الرحلات الدولية في خطي القاهرة وعمان، مما شكل عائقًا أمام شحن البضائع الجوية للقطاع الخاص وترحيل العملات الأجنبية لدى القطاع الخاص والبنوك من وإلى اليمن.
ويكشف القطاع الخاص عن تعرضه لفرض "مكوس" حسب تشبيه رجل الأعمال محمد محمد شارب في حديثة لـ"يمن فيوتشر"، والذي يقول أن "المكوس" عرفها الناس في الدول الإسلامية القديمة والتي اتسمت بالظلم والجور حيث كانت تحمل دلالات الفقر والعوز.
يضيف أن الدول كانت تثقل كاهل الشعب "بمكوس" متعددة، بينما اليوم والحديث لرجل الأعمال محمد شارب: "نتعرض في اليمن لهذه "المكوس" بصور مستحدثة على شكل ضرائب وجبايات جديدة حيث تم استحدث إجراءات جديدة تجعل التجار يدفعون ضرائب بحجة إعادة الحسابات عن الضرائب التي يدفعها التاجر في المنافذ الرئيسية مما زادت الاوعية الجبائية بشكل كبير، إذ يدفع التاجر في عدن ما نسبته 15% كضريبة قيمة مضافة وضريبة مبيعات وهذه مخالفة قانونية، ثم يدفعها في صنعاء مرة أخرى.
• عقبات نارين
وفقًا لتعبيرات القطاع الخاص التجاري، فإن اليمن حاليًا يقع بين نارين وبتعبير اقتصادي دقيق بين سعرين؛ ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الغذائية لمستويات قياسية وصلت في القمح لمستوى 500 دولار للطن مقارنة بنحو 290 دولارًا، إضافة إلى أسعار الشحن الدولية إلى الموانئ اليمنية وأسعار النقل الداخلي والتي تضيف أعباء كبيرة تصل إلى ما يقارب 30% من سعر التكلفة للكثير من السلع.
يعتقد القطاع الخاص اليمني أن العقبات التي تحيط بنشاطاته في الاستيراد والإنتاج أيضا بدأت عمليًا منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، فيما بدأ مؤخرًا العد الماراثوني لتصاعد هذه العقبات متزامنًا مع الأزمة العالمية الحاصلة حاليًا في سوق الغذاء عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا.
في العام 2018، عندما بدأ تهاوي العملة المحلية أمام الدولار والعملات الأجنبية، أكد القطاع الخاص أنه يحتاج لتوفير 80 مليون دولار شهريًا لمواجهة فاتورة الاستيراد الغذائي لسد حاجة 30 مليون إنسان في اليمن، لكن الأرقام تكشف اليوم أن القطاع الخاص لم يعد يمكنه الحصول سوى على ما بين 30-50 مليون دولار شهريًا فقط كعملة صعبة لتغطية فاتورة الاستيراد احتياجات الأسواق المحلية من السلع الأساسية، إذ مثل ذلك عقبة وتحدي مفصلي واجهه القطاع الخاص، اضافة الى عدة عقبات وتحديات تواجه القطاع الخاص.
يؤكد الخبير الاستراتيجي في مجال التطوير ونمو الأعمال المقرب من القطاع الخاص والبنك الدولي في اليمن أحمد مبارك، في حديث لـ"يمن فيوتشر"، أن خروج الموانئ اليمنية عن الخدمة والعمل مع سيطرة التحالف عليها كان بمثابة تحدي كبير وجد القطاع الخاص اليمني صعوبة بالغة في التعامل مع تبعاته التي شكلت عائق أمام تدفق حركة سلاسل الامداد للأسواق المحلية، خصوصًا بعد تصنيف الموانئ اليمنية عالميًا "مناطق خطرة"، مع وصول مستويات خطورتها للدرجة الخامسة والسابعة مما دفع برفع بوليصة التأمين البحري لمستوى قياسي عالي جدًا.
•القطاع الخاص ضحية، وقلق متزايد
يرتبط القطاع الخاص بعلاقة تبادلية وثيقة مع المالية العامة فهو من جهة ممولاً رئيسياً للموازنة العامة من خلال دفع الضرائب والرسوم وشراء أذون الخزانة والصكوك الاسلامية، وضخ عائدات النفط والغاز التي كانت تنتجه الشركات الأجنبية. ومن جهة أخرى، تعد النفقات العامة محركًا رئيسيًا لأنشطة القطاع الخاص والطلب على منتجاته من السلع والخدمات، وبالتالي تحسن مستويات التوظيف والدخل في الاقتصاد ككل. ومع ذلك، فإن انهيار نظام المالية العامة جراء الحرب الدائرة انعكست بشدة على القطاع الخاص.
وتسببت الحرب في فرض قيود صارمة على التحويلات النقدية بين مناطق طرفي الصراع. فيما علقت غالبية البنوك المراسلة التعامل مع البنوك اليمنية في مجال التحويلات بالدولار وفتح الاعتمادات المستندية بسبب تصنيف اليمن منطقة ذات مخاطر مرتفعة.
يؤكد رجل الأعمال حسن الكبوس رئيس مجموعة الكبوس للتجارة والاستثمار لـ"يمن فيوتشر"، أن وضع اليمن مقلق جدًا ويختلف عن وضع باقي الدول لأنها بلد في حرب منذ 7 سنوات وحتى الان لم تحل المشكلات الاقتصادية الناجمة عن انقسام البنك المركزي وقطع الطرقات وفروق العملة بين طبعتين ونقص التمويل الأجنبي والجمارك والضرائب التي تحصل بصفة مزدوجة بالرغم من الهدنة التي بدأت مرحلتها الأولى مطلع أبريل/ نيسان 2022.
يقول تقرير صادر عام 2021، عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي أعده بالتعاون مع اليونيسف ومنظمات تابعة للقطاع الخاص اليمني، أن هذه القيود أثرت بشكل كبير على توفير الخدمات المصرفية (مثل التحويلات الالكترونية الدولية، عمليات التمويل التجاري، والحوالات) التي تعتبر أمرًا حيويًا لأداء الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص من استيراد السلع والخدمات. وتطلب البنوك الخارجية التي توافق على فتح الاعتمادات المستندية تأمينات نقدية بواقع 100% من أرصدة البنوك اليمنية لهذه الاعتمادات، مما يرفع أسعار السلع المستوردة.
انعكست مختلف هذه المشاكل والتحديات على الأسواق المحلية في اليمن وقدرات القطاع الخاص على القيام بدوره المعتاد في الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية والتشغيل والإنتاج الصناعي والاستيراد والتصدير.
*القطاع الخاص شريان حياة*
*«رغم التحديات المستمرة، توفر هذه الشركة اليمنية "مجموعة هائل سعيد انعم: المواد الغذائية للملايين»*
اليسون باكولز مؤسسة التمويل الدولية ،
*«ان شراكتنا مع مجموعة هائل سعيد انعم وشركاه تساعدنا على التصدي للازمة الانسانية الحادة في اليمن»*
*اشرف مجاهد
رئيس قطاع الصناعة في منطقة الشرق الاوسط واسيا الوسطى
-في السياق، حذر القطاع الخاص التجاري من تأثيرات ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية المستوردة لليمن، حيث بينت مجموعة هائل سعيد أنعم اكبر مجموعة مستوردة في اليمن للحبوب والزيوت والالبان أن قدرة الشركات اليمنية على الاستيراد بالأسعار الجديدة وبالعملة الصعبة لن يكتب له النجاح، محذرة من نقص كبير سيطال السلع في اليمن وربما يؤدي لتوسع مستويات الفقر والجوع بسبب أن الأموال المتوفرة من الدولار للشركات اليمنية لا تكفي لتلبية الكميات المحتاجة لسد رمق السوق المحلية لأن فارق ارتفاع الأسعار سيلتهم نصف الكميات المطلوبة.
ودعت المجموعة الى تأسيس صندوق لدعم القمح في بلادنا، وهي دعوة مسؤولة ،دعت اليها الكثير من المنظمات الاممية والدولية وهو ما كانت قد طالبت به منظمة الاغذية والزراعة "الفاو" في ابريل الماضي في بيان لها حين دعت فيه الى”انشاء مرفق عالمي لتمويل واستيراد الاغذية بهدف تمكين الدول الفقيرة ومساعدتها على التعامل مع ارتفاع الاسعار نتيجة الازمة الاوكرانية“
وما طالبت به ايضا الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي التي طالبت المجتمع الدولي "بحشد استثمارات وارادة سياسية للتصدي بشكل جماعي لاسباب وعواقب الازمات الغذائية المتصاعدة متوقعة "استمرار الازمة وان الاوضاع ستسوء اكثر"،
"مؤسسة التمويل الدولية" الذراع الاستثماري للبنك الدولي *قد اشادت بالدور الحيوي لمجموعة هائل سعيد انعم وشركاه في اليمن في توفير الغذاء لملايين اليمنيين في كل انحاء اليمن رغم المخاطر المصاحبة عادة لطرق وخطوط النقل*
واعتبرت مؤسسة التمويل الدولية انه *لو لم تقم المجموعة بنقل القمح والمواد الغذائية الاساسية الى كل مناطق اليمن وبالذات البعيدة لحصلت مجاعة باليمن ”إن سكان المهرة والمناطق المحلية الاخرى سيتحول حالهم من الجوع الى التضور جوعا“ حسب ماجاء في تقرير نشرته المؤسسة الدولية“*
وكانت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي "وهي مؤسسة معنية بدعم القطاع الخاص في البلدان النامية" قد قدمت اغسطس 2021 حزمة تمويل مقدارها 75 مليون دولار لمجموعة هائل سعيد أنعم لمعالجة تزايد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن.
ويقول خبراء اقتصاديون ان مجموعة هائل سعيد انعم قد اسهمت اسهاما فاعلا في حفظ الأمن الغذائي اليمني،.كما لها الدور الاكبر في دعم الاقتصاد الوطني ناهيك عن توفيرها اكثر من20 الف فرصة عمل لموظفيها.
تلك المعادلة الجديدة دفعت بالاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية وغرفة عدن التجارية والصناعية للمطالبة بتوفير تمويلات لوجستية من المنظمات الدولية ومن الدول الشقيقة لمنع وقع كارثة جوع في اليمن جراء ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب والتي يعتمد الشعب اليمني عليها من الخارج بنسبة 90%.
•تحدي الجبايات المستحدثة
يعتقد القطاع الخاص اليمني أن المعيقات اللوجستية التي تواجه استمرار نشاطه تتمثل في الجبايات غير القانونية التي تفرض عليه في الطرق اثناء خط سير ناقلات البضائع من منطقة لأخرى، وتأتي البضائع القادمة من البحر على راس الأولويات للجهات التي تفرض تلك الجبايات.
تبدأ المعاناة مع خروج البضائع من ميناء عدن، يكون التاجر في هذه الحالة على موعد مع دفع اتاوات غير قانونية للعديد من النقاط العسكرية والأمنية ضمن سلسلة لا تنتهي إلا في مخازن التجار في صنعاء وغيرها من المدن التي يتخذ منها التجار مراكز أساسية للعمل.
يؤكد تجار تم استطلاع أراءهم أنهم يدفعون "تكاليف لنقل الحاوية من عدن جنوب اليمن إلى صنعاء شمالًا، كفارق في قيمة الديزل بنحو 350 الف ريال فيما اجرة النقل للحاوية تصل لنحو 3 مليون ريال (5000 دولار) للحاوية الكبيرة بسبب إغلاق الطرق الرئيسية، الأمر الذي تسبب في ارتفاع كبير للسلع في السوق المحلية.
حسب دراسة أصدرتها الغرفة التجارية في صنعاء والاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية، هناك 53 نقطة تتقاضى أموالًا عن كل ناقلة تصل في المتوسط بنحو 60 الف ريال.
كما تبرز مشكلة صناديق النظافة التي تطالب برسوم تحصيل عليها في النقاط كمعوق كبير نتيجة ارتفاعها عشرات الأضعاف خلال سبع سنوات من عمر الحرب الجائرة في اليمن، وبدلًا من حصولها على 5000 ريال عن كل حاوية، تقوم بتحصيل حوالي 500 ألف ريال، فهذا الفارق الكبير ينعكس على تكلفة وأسعار السلع التي يتحملها في الأخير المستهلكين اليمنيين.
بالمقابل، ساهم تعدد السلطات في الازدواج الجمركي ومضاعفة الإيرادات المحصلة من القطاع الخاص الذي يتم إجباره على دفع جمارك بشكل مزدوج، إضافة إلى ما يتم تحصيله من جبايات أخرى كالضرائب والزكاة.
فضلًا عن عدم وجود أي اعفاءات جمركية على أي سلعة في اليمن، فجميع السلطات تطالب بالجمارك كما يؤكد عبدالوهاب بشير، تاجر مستلزمات زراعية، في حديث لـ"يمن فيوتشر"، إلا ما كان معفي من سابق كالقمح، بينما يتم حاليًا تحصيل 1% لصالح شركة ناشئة تعنى بالزراعة التعاقدية ومثلها لجهات زراعية تتبع وزارة الزراعة في صنعاء وهذه مبالغ كبيرة تضر بمستوى الأسعار للمستهلك.
كما يمثل الشحن التجاري إلى اليمن مشكلة كبيرة وفق تأكيدات أحمد مبارك؛ "إذا كان لديك سلعة تشحن للموانئ اليمنية بنحو 1000 دولار، فهي اليوم مع التأمين المرتفع تصل تكلفة شحنها لحوالي 5 آلاف دولار، الأمر الذي يجعلنا نتكلم على أرقام وخسائر كبيرة يتحملها القطاع الخاص اليمني تتعلق بالتأمين وأجور النقل اللوجستي الذي تقدمه خدمات التأمين، كل ذلك بسبب الحرب والقتال الدائر في البلاد مما جعل شبكات وشركات النقل ترفع الأسعار للشحن إلى اليمن لهذا المستوى.
*العوامل الداخلية*
من اكبر المعوقات التي تواجه سير سلاسل الامدادات للسوق اليمنية هو تكاليف الانتقال للقاطرات داخليًا بسبب قطع الكثير من الطرق الرئيسية والذي تسبب في ارتفاع أجور النقل بشكل غير طبيعي، فالقاطرة التي تتحرك من داخل ميناء عدن لكي تصل لمراكز التجار في صنعاء اصبح اجورها (6000) دولار مقارنة ب700- 800 دولار قبل الحرب.
وتضاعف تكاليف سلاسل الامداد للسوق اليمنية المتمثل بالنقل الداخلي من موانئ عدن والمكلا ومنفذ الوديعة في حضرموت إلى صنعاء، فهذه وفقًا لخبراء تعتبر الأغلى عالميًا ولم يحصل أن فرضت مثل هذه الأجور في أي دولة.
يوضح تجار مستوردون: "إذا كان لديك بضاعة تم استيرادها من مصر مثلا الى ميناء عدن ستجد أن تكاليف النقل أعلى من قيمة البضاعة بحوالي 12 مرة سواء على مستوى الشحن البحري أو النقل الداخلي إلى صنعاء". على سبيل المثال إذا كانت أجور الشحن البحري والتأمين 6000 دولار، ستصل بالنسبة للنقل الداخلي في اليمن إلى حوالي 12 الف دولار، بينما تكلفة البضاعة لا تزيد عن ألف دولار، في حين يختلف الأمر وتتضاعف التكاليف في حال كانت البضاعة أغلى.
حسب الخبير الاستراتيجي في مجال التطوير ونمو الأعمال أحمد مبارك فإن هناك مشكلة كبيرة في قيمة تكاليف الانتاج لسلاسل الامداد لليمن على المستوى الخارجي والداخلي، أضف لذلك أن خطوط سلاسل الامداد والمقصود بها الطرق منذ ما قبل وحتى بعد الاحداث في اليمن تمثل مشكلة كبيرة حيث أنها تعمل تعطيلا كاملا لسيارات النقل الثقيل والمتوسط وحتى الخفيف وبالتالي تؤدي لإرهاق المركبات وتكبيدها خسائر كبيرة وبالتالي زيادة في النفقات على الصيانة والمعدات وقطع الغيار وهناك معادلة حسابية تقول أنه مشاكل الطريق تزيد من تكاليف استهلاك البترول والديزل بشكل مضاعف ، كما أن لدينا مشكلة تتمثل في التخزين فمتطلبات التخزين وتكلفة واسعار مواقع التخزين برزت بقوة وتمثل عبئا إضافيا مما اضطر التجار لفتح مخازن جديدة في عدن أو مخازن في المكلا بسبب صعوبات النقل وبالتالي يقوم التاجر بإنشاء مخازن جديدة عدة مرات في المكلا وفي عدن ومرة اخرى في ذمار ليتم من خلالها انتظار عملية الفحص في مكتب المواصفات والمقاييس بعفار أو داخل تعز لتصل صنعاء في المرحلة الثالثة وهذه كلها تشكل تكاليف بعضها فوق بعض.
يضيف أن هناك مشكله عالمية وهذه حاصلة بشكل كبير قادت لانتشار الخوف والهلع عالميا بينما يعاني اليمن من مشكلة مضافة بفعل الحرب الدائرة فاقمت صعوبات وتعقيدات الامداد، تتمثل في تكاليف النقل والتخزين وفي ارتفاع أسعار النقل، وهو ما تسبب في تلف البضائع خاصة المواد الغذائية والمنتجات الداخلة في الصناعة.
من ضمن المعوقات التي تواجه سلاسل الامداد في اليمن هي مسالة التالف حيث يشير التجار ان نقل المواد الزراعية من خضروات وفواكه من مناطق الإنتاج الى مناطق التوزيع بسبب وسائل النقل والطرقات المهترئة وعدم توفر وسائل التخزين الحديثة تقود لفقدان ما يصل لما نسبته 40% من الإنتاج وهذا رقم كبير ويمثل خسارة للمنتجين وللاقتصاد الوطني بشكل عام ولنا ان نتخيل المقدار الذي ستلعبه هذه النسبة في مكافحة انعدام الامن الغذائي لدى الاسر اليمنية.
*حلول*
يلعب القطاع الخاص دور مكثف في إيجاد الحلول التي تواجه سوق الامدادات في اليمن، ومن بين الحلول ما يشرحه أحد التجار كيف ان القطاع الخاص عمل في اتجاهين؛ أولًا تم إنشاء مصانع في سلطنه عمان لكي تخفف حدة الهدر الحاصل في نقل المواد الخام وبدأت من داخل سلطنه عمان بالإنتاج لصالح اليمن , ويتضمن الاتجاه الثاني، البدء في عملية نقل البضاعة بطرق جديدة بدلًا عن نقلها مباشرة للعاصمة صنعاء ثم توزع من هناك، إذ أصبح التجار المستوردون يقومون بتوزعيها حسب الميناء الذي ستصل منه، فإذا كانت ستصل إلى ميناء المكلا في حضرموت يقوم بإنزال الجزء الخاص بالمكلا والمناطق القريبة منها وإذا وصلت البضائع إلى عدن يتم التوزيع من هناك للمناطق الجنوبية فيما يكمل الجزء المتبقي طريقه للمناطق الشمالية، حيث أصبح التاجر يعمل لنفسه حلول ليقلل الهدر والتكاليف.
ويجري القطاع الخاص نقاش متواصل مع السلطات المعنية في عدن وصنعاء لفتح عدد من منافذ النقل والتركيز على ميناء الحديدة شمال غربي اليمن وإجراء إصلاحات لتأهيله، وتقديم استعدادهم للمشاركة في تأهيل البنية التحتية بشكل كبير واصلاح الطرق البرية الوعرة في تعز، وتكثيف تحركاته لحل مختلف هذه الإشكاليات الداخلية التي في حال إيجاد الحلول المناسبة لها بحسب ما تم التوصل إليه من حديث التجار والمعنيين في القطاع الخاص ستقل تكلفة السلع بنسبة 40% في اليمن.