دخلت القهوة اليمنية عملياً دائرة التأثر بالرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يوم التحرير والاستقلال الاقتصادي، في قرار شكل مفاجأة صادمة في البلد الذي تستهدفه أميركا بقصف مكثف ومتواصل منذ ما يزيد على عشرة أيام، ويعاني تبعات إنسانية واقتصادية كارثية للصراع الدائر منذ عام 2015.
وكانت الصدمة كبيرة في الأوساط التجارية والزراعية وقطاع إنتاج وتصدير البن اليمني ذائع الصيت والذي تعد السوق الأميركي من أهم وأبرز وجهاته التصديرية حيث كانت للولايات المتحدة مساهمة واسعة ودور كبير عبر مؤسسة التنمية في مساعدة مزارعي ومنتجي البن وهو أصل القهوة اليمنية على التوسع في زراعته وتطوير سلاسل الإنتاج والتصدير وفتح السوق الأميركي لاستيعاب كمية كبيرة من الإنتاج، كما تستورد أميركا النفط والغاز اليمني وهناك استثمارات أميركية عبر شركة هنت في قطاع النفط في اليمن.
في السياق، قال عبد اللطيف الجرادي، رئيس قطاع البن في الغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن فرض الرسوم الجمركية على صادرات البن اليمني الأخضر سوف يؤثر بشكل كبير على المزارعين بالدرجة الأولى والتجار بالدرجة الثانية، إضافة، وهو الأهم في التأثيرات التي قد تؤدي إلى توقف مشاريع ناشئة في تصدير بن القهوة اليمنية خاصة التي تصدر منتجاتها إلى أميركا. وبحسب الجرادي ليس هناك أي تفاصيل فيما يخص موضوع الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب التي شملت اليمن بنسبة 10%، وهل سيتم تطبيقها على حبيات البن الخضراء التي يتم تصديرها في اليمن أو لا.
يأتي ذلك بالرغم من التأثيرات الأخرى التي قد تطاول اليمن بشكل غير مباشر نتيجة اعتماده بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاته الأساسية، بما في ذلك الغذاء والوقود. في هذا الصدد، أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز محمد علي قحطان لـ"العربي الجديد" إلى أن الواردات السلعية لليمن من أميركا ليست ذات قيمة. إذ إن اليمن لا تستورد من الأسواق الأميركية أي سلعة بصورة مباشرة فجميع واردات اليمن تقريباً إعادة تصدير تأتي عبر أسواق أخرى.
لكن بالمقابل، يرى خبراء اقتصاد أن تصاعد الحرب التجارية العالمية الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يؤثر على اليمن من خلال ارتفاع تكاليف الواردات واضطراب سوق الصرف وتفاقم التضخم، إلى جانب التأثير المباشر الأهم الذي سيطاول القهوة اليمنية في الوقت الذي يعتبر البن الأخضر مادة خام حيث لا تشملها أي رسوم جمركية، إذ يتطرق الجرادي إلى تأثيرات إضافية للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على اليمن التي قد تؤدي إلى ضعف الطلب على البن لأن سعره سيرتفع، كما أن ضعف الطلب سيؤدي إلى تدني الأسعار في اليمن والقدرات الإنتاجية للمزارعين والمنتجين والمصدرين.

ويقدر تقرير صادر العام الماضي عن وزارة الزراعة والري اليمنية، اطلع عليه "العربي الجديد"، ارتفاع إنتاج اليمن من البن في العام 2023، من 17 ألف طن إلى 41 ألف طن بزيادة تصل إلى 140%، في حين توقع أن يصل الإنتاج من هذا المحصول النقدي خلال العامين المقبلين إلى 50 ألف طن. كما سجلت صادرات البن اليمني ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة 2017- 2022، من 2500 طن إلى 12 ألف طن بقيمة تقدر بنحو 480 مليون دولار، إذ تتوقع وزارة الزراعة والري اليمنية وصوله في عام 2027، إلى ملياري دولار.
وقدمت وكالة التنمية الأميركية مساهمات تصفها بالمهمة والكبيرة لمساعدة اليمنيين على توسيع نطاق أعمالهم التجارية في مجال القهوة، معتبرةً البن أكبر محصول جالب للمال في اليمن، لكن مع ذلك، فإن الافتقار إلى الخبرة التسويقية منع البلاد من بلوغ أقصى إمكاناتها في سوق البن الدولي. وتؤكد أنها قدمت من خلال برنامج التعافي الاقتصادي وسبل العيش التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية المساعدة الفنية لأكثر من 800 مزارع ومنتج وتاجر للبن، وعديد من الأنشطة لتيسير العلاقات مع تجار البن في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وألمانيا والأردن.
وتفاوض منتجو البن اليمنيون بالشراكة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على اتفاقيات مبيعات مع تجار وموزعي القهوة اليمنية بقيمة 3.8 مليون دولار على مدى العامين الماضيين. وكان اليمن قد حظر العام الماضي استيراد وتداول البن المستورد وقشوره، بهدف تحفيز وتشجيع المزارعين على التوسع في زراعة شجرة البن وزيادة إنتاجيته بصورة مستمرة وتحقيق دوره المنشود في خدمة الاقتصاد الوطني.
رئيس قطاع الاتصال والإعلام بالغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء أحمد حسن، تحدث لـ"العربي الجديد"، أن تأثيرات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي ترامب على اليمن ضمن عديد من الدول التي شملتها هذه الرسوم الجمركية بنسب متفاوتة قد تطال البن اليمني حيث يتم تصدير معظم الكميات التي ينتجها رياديي الأعمال إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حين كانت صادرات اليمن إلى أميركا تقتصر على النفط والغاز.
وكانت الهيئة العامة اليمنية للبحوث والإرشاد الزراعي والمؤسسة العامة لتنمية وتسويق البن قد أعلنت منتصف العام الماضي 2024، عن إطلاق دراسة شاملة لسلسلة القيمة للبن في عدد من المحافظات، إذ تضمنت زيارات ميدانية لعدد من المحافظات البارزة في إنتاج البن، بما في ذلك صنعاء وحجة والمحويت وصعدة وعمران وذمار.
واستهدفت الدراسة جمع البيانات عن مختلف مراحل سلاسل الإمداد للبن، بدءاً من قبل الإنتاج وحتى التسويق والتصنيع، وتحديد نقاط القوة والضعف والمعيقات التي تواجه هذه السلسلة في كل منطقة على حدة، مع طرح مقترحات للحلول والتطوير. وإضافة إلى جمع بيانات من التجار والوسطاء والجمعيات، فضلاً عن بائعي المدخلات لتغطية كافة سلاسل الإمداد وتحديد القيم المضافة للمنتج، وذلك لوضع خطة شاملة لتعزيز سلاسل القيمة في هذا القطاع الاقتصادي الوطني المهم.