اقتصاد: اليمن حراك نقابي في وجه قانون حوثي يحتال على الرواتب
يمن فيوتشر - العربي الجديد- فخر العزب: الجمعة, 17 يناير, 2025 - 04:08 مساءً
اقتصاد: اليمن حراك نقابي في وجه قانون حوثي يحتال على الرواتب

القانون الذي أقره برلمان صنعاء والمتعلق بصرف نصف الرواتب للموظفين، باعتباره معالجة لمشكلة إيقاف الحوثيين صرف الرواتب في مناطق سيطرتهم منذ سبتمبر/ أيلول 2016، أثار حالة من الاستياء نتيجة مصادرته حقوق ورواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة.
في السياق، رفعت النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية، الاثنين الماضي، دعوى قضائية "مستعجلة" لدى المحكمة الإدارية بصنعاء ضد وزارة المالية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً، احتجاجاً على القرار الإداري رقم 140 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول 2024، والذي يقضي بصرف نصف راتب ربعي كل ثلاثة أشهر للموظفين الإداريين في ديوان وزارة التربية ومكاتبها بالمحافظات والمديريات.
وأكدت الدعوى أن القرار يمثّل تمييزاً واضحاً ضد الإداريين العاملين في وزارة التربية والتعليم وفروعها، حيث يستثنيهم من استلام نصف الراتب الشهري الذي أقرته الوزارة لبقية موظفي الدولة بموجب قانون "الآلية الاستثنائية". وبدأت حكومة صنعاء التابعة للحوثيين بصرف نصف راتب شهري للموظفين في مناطق سيطرتها لتغطية فاتورة الرواتب، بينما قررت منح الإداريين في وزارة التربية والتعليم نصف راتب فقط كل ثلاثة أشهر، مبررة ذلك بـ"تضخم الكادر الإداري" و"وجود موارد مالية خاصة لهذه الجهات".
وكان برلمان صنعاء التابع للحوثيين قد أقر الشهر الماضي قانونا تحت مسمى "الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين"، والذي يعيد تقسيم موظفي الدولة إلى ثلاث فئات حددها القانون، تستلم الفئة "أ" راتباً كاملاً شهرياً وهي الفئة التي تتطلب طبيعة عملها ذلك، ومنها خصوصاً مجلسي النواب والشورى وأجهزة السلطة القضائية، وفي الفئة الثانية "ب" صرف نصف راتب شهرياً حداً أدنى، والفئة "ج" صرف نصف راتب ربع سنويًا كل ثلاثة أشهر على الأقل، على أن يصدر الوزير قرارات بتوزيع هذه الفئات.
وينص القانون على أن تقوم وزارة المالية بفتح حساب خاص باسمها في البنك المركزي الخاضع للجماعة في صنعاء، ويكون الحساب خاضعاً لإشراف وإدارة الوزير صرفاً وإيراداً. كما ينص القانون على تغذية الحساب بمساهمات شهرية من المؤسسات الإيرادية وكل موارد صندوق دعم العمل والتعليم و20% من إجمالي النفقات والمصرحات والتعزيزات التي يتم صرفها من حساب حكومة صنعاء بشكل شهري، و10% من تكلفة نفقات البرامج الاستثمارية لوحدات القطاع الاقتصادي العام والهيئات والمصالح المستقلة شهرياً أو ربع سنوياً بحسب تعليمات الوزير.
وتشير باقي المواد إلى تحكم وزير المالية بكل إيرادات ومصروفات الحساب، وكذا بفرضه النسب الشهرية على القطاعات الاقتصادية والإيرادية وسحبها من حساباتها مباشرة في البنوك الحكومية أو الخاصة. ويفرض القانون ضريبة رواتب يعفى منها فقط من يستلم راتباً من حساب الآلية المؤقتة إذا كان إجمالي راتبه يساوي أو يقل عن 25 ألف ريال (الدولار = 535 ريالاً في مناطق الحوثيين).
ويشدد القانون على أنه "لا تعد مبالغ المساهمات المقررة على الوحدات والجهات التي تحددها قائمة المساهمات قرضا أو دينا على الحكومة أو الخزينة العامة، ولا تلتزم الحكومة بالتعويض عنها، وللوزارة في حال حصول بلادنا على التعويضات النظر في إمكانية تعويض الجهات والوحدات المساهمة في ضوء ما تقتضيه المصلحة العامة". ويلغي "أي حكم أو نص في أي قانون نافذ يتعارض مع أحكام هذا القانون"، وهو ما يتعارض مع نصوص دستورية وقانونية تقرر الرواتب والحفاظ على حقوق الموظفين وتلزم الحكومة بصرفها.
وبحسب بيانات الموازنة العامة للدولة اليمنية عام 2014 قبل اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، فإن إجمالي الموظفين في الجهاز الإداري للدولة يبلغ 447 ألفاً و653، منهم 85 ألفاً و164 موظفًا في وحدات القطاع العام، في حين يبلغ إجمالي الموظفين في الوحدات المستقلّة والصناديق 17 ألفاً و347، كما يبلغ إجمالي الموظفين في وحدات القطاع المختلط 6 آلاف و207.
ويُقدر عدد الموظفين والموظفات في مناطق سيطرة الحوثيين بنحو 336 ألفاً و556 موظفاً، بينهم موظفون في مديريات تسيطر عليها الحكومة الشرعية ويتسلمون رواتبهم منها، إضافة إلى نحو 50 ألف موظف نازح من مناطق الحوثيين إلى مناطق الشرعية، منهم 21 ألف موظف مسجلون في كشوفات الموظفين النازحين لدى الحكومة في عدن ويتسلمون رواتبهم منها.
ويُقدر إجمالي موازنة الرواتب في كافة مناطق الجمهورية اليمنية، وفق كشوفات الرواتب لعام 2014، للجهاز المدني الإداري، بنحو 430 مليار ريال يمني سنوياً، فيما تُقدر الرواتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين بنحو 336 ملياراً و556 مليون ريال سنوياً.
أحد الإداريين في وزارة التربية والتعليم بصنعاء، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إن الحوثيين قاموا بإحلال عشرات الآلاف من أتباعهم بدلاء للموظفين الذين نزحوا إلى مناطق الشرعية، كما أن الموالين للجماعة لديهم امتيازات حصرية تُصرف لهم تحت مسمى معونات أو بدلات، ويُنهب الموظفون على الرغم من الموارد الضخمة التي تُورّد من أوعية مالية مختلفة على رأسها ميناء الحديدة وشركات الاتصالات والضرائب والجمارك والجبايات غير القانونية الأخرى".
الناشط عبد الله الزيلعي قال لـ"العربي الجديد" إن القانون الذي أصدرته حكومة صنعاء يمثل انتهاكا لحقوق الموظف، ويؤسس للطبقية داخل المجتمع من خلال تصنيف الموظفين إلى ثلاث فئات بحقوق متفاوتة وفقا لأهواء الجماعة، حيث هناك من يستلمون راتباً بشكل شهري وهم الفئات المرتبطة بمصالح الجماعة، بالإضافة إلى فئة تستلم نصف راتب شهريا، وفئة ثالثة هي الفئة الدونية تستلم نصف راتب كل ثلاثة أشهر".
وأضاف الناشط أن القانون الحوثي يصادر رواتب الموظفين المنهوبة منذ العام 2016 ويؤسس آلية جديدة تصادر الرواتب للموظفين تحت يافطة القانون، كما أن القانون الجديد يشرعن للجماعة الاستيلاء على القطاع الخاص من خلال الآلية التي أقرها القانون وتنص على إنشاء حساب خاص في فرع البنك المركزي بصنعاء، لجمع الموارد المالية من الجهات الحكومية والقطاع الخاص. وتشمل الإجراءات فرض مساهمات إلزامية على الشركات والدوائر الحكومية، بالإضافة إلى تحويل موارد صندوق المعلم إلى هذا الحساب".


التعليقات