برزت محاولات حكومية، خلال الفترة الأخيرة، لإنقاذ قطاع المنسوجات في اليمن من عدة تحديات أبرزها الجبايات والركود والإغراق الذي تسبب خلال السنوات الماضية بتراجع وانهيار مصانع الغزل والنسيج في البلاد، ووضع مشاغل الخياطة على حافة الانهيار والتوقف.
وتبرز عديد الإشكاليات التي تواجهها المشاغل في هذا القطاع حسب مالك مشغل خياطة في صنعاء، فهمي الدبعي، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن الجبايات المفروضة عليهم خلال فترات سابقة أثقلت كاهلهم وقلصت أعمالهم وإنتاجيتهم. في حين يشير مالك مشغل خياطة، مروان مدهش، وكثير غيره من العاملين والحرفيين في هذا المجال إلى عوامل أخرى مؤثرة بشكل كبير مثل الكساد وتراجع الأسعار وإغراق المستورد للسوق ما يؤدي لتعرض مثل هذه القطاع لخسائر فادحة.
•اليمن تحاول إنقاذ المشاغل
في السياق، أعلنت صنعاء في إطار المحاولات والجهود التي تستهدف إنعاش هذا القطاع؛ الإعفاء الكامل من كل أنواع الضرائب لنشاط الخياطين وملاك معامل الخياطة، إضافة إلى ضرائب الأرباح وضريبة الدخل، إذ دشنت مصلحة الضرائب في صنعاء والغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء منتصف يونيو/ حزيران الماضي 2024، ما اعتبرته حزمة من الامتيازات والحوافز الضريبية لنشاط المنسوجات ومعامل الخياطة ومستلزماتها في اليمن.
كما تضمنت القرارات المتخذة في هذا الجانب الإعفاء من كافة المدخلات اللازمة لإنتاج الملابس الجاهزة محلياً من الضرائب بنسبة 100% سواء كانت معدات وآلات أو مستلزمات وأقمشه بحيث يتم البدء بالتنفيذ خلال يوليو/ تموز الحالي.
ويعتبر القطاع الخاص، أن هذه الحوافز الضريبية لنشاط المنسوجات والمعامل هي اللبنة الأولى التي من خلالها سيقوم ممثلاً ببعض جهاته مثل "الغرفة التجارية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء" بالتعاون مع القطاع العام للبدء في الخطوات والمراحل التي تحقق الاكتفاء الذاتي للسوق، وهو الأمر الذي يتطلب من العاملين المنتسبين لقطاع المنسوجات التوجه نحو بناء علامات تجارية وتطويرها بمعايير الجودة والمنافسة.
نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء محمد صلاح، يكشف في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، عن إنشاء قطاع المنسوجات والملبوسات ومعامل الخياطة ومستلزماتها بما هو أحدث قطاع نوعي يضم في عضويته شركات ورجال الأعمال المسجلين رسمياً كتجار وأصحاب معامل خياطة ومنسوجات من عدة فئات بأمانة العاصمة صنعاء.
حسب عاملين وملاك مشاغل ورواد أعمال، فإن تأسيس قطاع الملبوسات من رجال الأعمال وشركات الخياطة والمنسوجات خطوة مهمة في إطار تنظيم عمل هذه القطاعات والأنشطة والمهن والأعمال التي تبلغ حالياً 22 مجالا، إضافة إلى تعزيز دورها في رعاية ودعم أنشطة صناعة وإنتاج المنسوجات والملبوسات.
يضيف صلاح أن هذا القطاع سيكون له دور في مجال الصناعة الوطنية والاستثمار في المنسوجات والملبوسات، إضافة لدوره في متابعة النشاط الاستثماري والإنتاجي وتعزيز دورهم في التنمية والنمو الاقتصادي.
ويكشف أعضاء مسؤولون بالقطاع الخاص في صنعاء لـ"العربي الجديد"، عن خطة لإنشاء شركة مساهمة في مجال صناعة الملبوسات يديرها القطاع الخاص وتحظى بدعم ومساندة الجهات العامة، إضافة إلى إنشاء منصات وحاضنات لتسويق منتجات قطاع المنسوجات والمستلزمات محلياً والتصدير للخارج بشكل أوسع.
•حوافز وتسهيلات
يشير مسؤول الاتصالات والإعلام بغرفة أمانة العاصمة صنعاء، أحمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الغرفة ستنظم فعالية يتم فيها الإعلان عن تقديم حوافز وتسهيلات كبيرة لقطاع المنسوجات بما يعزز من قدرته ونشاطه في إطار التحول للتصنيع المحلي وسد فجوة الاعتماد على الخارج، مشدداً على أهمية رعاية هذا القطاع الحيوي والعمل على كل ما من شأنه تطوير أنشطة المنسوجات والملبوسات لخدمة الاقتصاد الوطني.
من جانبها، تؤكد مقررة وحدة قطاع المنسوجات ومعامل الخياطة والمستلزمات، لينا أحمد، لـ"العربي الجديد"، أهمية تكاتف الجميع لمساعدة هذه القطاعات ورفع الحمل الذي أثقل كاهل الإنتاج المحلي، منوهةً باستعداد المنتجين والعاملين في هذا القطاع لتعزيز وتحسين الإنتاج المحلي والتدريب للأيدي العاملة بناء على أسس علمية، وتعزيز المنافسة للوصول لأعلى مستويات من الكفاءة للمنافسة في الأسواق.
ويرى خبراء اقتصاد أهمية العمل على إنعاش مثل هذه القطاعات الإنتاجية والتشغيلية التي قضى عليها الإغراق وفوضى الاستيراد المفتوح للمنسوجات والملبوسات.
ويدعو المحلل الاقتصادي صادق علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة إجراء تغيير جذري في المنظومة الجبائية التي تم استحداثها نتيجة للواقع الذي فرضته السلطات الحاكمة في اليمن بفعل الحرب، حيث أثرت بشكل كبير على الاستثمارات التي كان بالإمكان استقطابها لتنمية الإنتاج المحلي وتطوير مثل هذه القطاعات المرتبطة بالناس والمجتمع ومصادر رزقهم ومهنهم وحرفهم وأنشطتهم مثل قطاع المنسوجات والخياطة.