تتسبب أزمة المنافذ البرية بمشكلة كبيرة تطاول الزراعة اليمنية خاصة مع استمرار إغلاق منفذ الطوال الاستراتيجي في منطقة حرض الحدودية مع السعودية.
يقول سعيد وهبان، مالك مزارع فاكهة في محافظة الحديدة شمال غرب اليمن، لـ"العربي الجديد"، أن الصادرات خصوصاً من بعض المنتجات كالمانغو التي كانت تمر عبر منفد الطوال كانت تغطي جزءاً من تكاليف الإنتاج الزراعي التي زادت بنحو خمسة أضعاف منذ العام 2015.
من جانبه، يفكر المزارع عبد الرحمن عبيد، وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، بمراجعة نظامه الزراعي السنوي والتوقف عن إنتاج بعض محاصيل الفاكهة مثل المانغو وغيرها التي يجد صعوبة في تسويقها ليس فقط على مستوى التصدير، بل أيضاً في الأسواق المحلية.
قبل الحرب في اليمن عام 2015، كانت حوالي 50 في المائة من الصادرات اليمنية غير الاستخراجية و60 في المائة من الواردات عبر منفذ الطوال الحدودي البري، الذي يربط اليمن بالسعودية من الجهة الشمالية، إذ كانت معظم هذه الصادرات عبارة عن منتجات غذائية زراعية ومنتجات سمكية.
وتُقدر القيمة الإجمالية للتجارة عبر الحدود التي تمر عبر منطقة الطوال في محافظة حجة شمال اليمن بنحو 1.5 مليار دولار، في حين تسبب إغلاق هذه الحدود منذ نحو تسع سنوات بقيود كبيرة على النقل والتجارة والنشاط الاقتصادي في البلاد.
•صادرات الزراعة اليمنية
الباحث الزراعي بسام قاسم، يشرح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تهاوي الصادرات الزراعية والسمكية والغذائية وتحول نسبة كبيرة من الإنتاج إلى الأسواق المحلية أدى إلى كساد الكثير من المنتجات خصوصاً الموسمية مثل الفاكهة. يشير قاسم إلى صعوبة نقل هذه المنتجات والمحاصيل إلى المنافذ البرية المتاحة التي تم إعادة تشغيلها منذ أكثر من ثلاث سنوات مثل منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية في محافظة حضرموت جنوب اليمن، إضافة إلى منفذ شحن في محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان شرقي اليمن.
في المقابل يؤكد صالح النابهي، تاجر منتجات زراعية، لـ"العربي الجديد"، أن طول المسافة من مناطق الإنتاج الرئيسية في تهامة والمناطق الشمالية والغربية إلى منافذ التصدير العاملة شرق اليمن والتي تزيد على 2500 كيلومتر، يكبّد التجار والمزارعين والمصدرين تكاليف باهظة وخسائر نتيجة تلف بعض المنتجات التي لا تتحمل بعد المسافة ووعورة الطرق مع ارتفاع قياسي في تكاليف النقل الداخلي والخارجي في اليمن.
ويشرح أن منفذ الطوال في منطقة حرض التابعة لمحافظة حجة على الحدود السعودية شمال اليمن، لا يبعد كثيراً عن أهم مناطق الإنتاج الزراعية في اليمن حيث ساعد ذلك في الماضي على تصدير المنتجات الزراعية إلى الأسواق السعودية وعبرها إلى أسواق دول الخليج الأخرى، بينما يستمر إغلاق هذا المنفذ الحيوي حتى بعد توقف المعارك العسكرية التي شهدتها منطقة حرض طوال سنوات الحرب في اليمن بين الحوثيين والقوات الحكومية التي كانت مدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية قبل نحو ثلاث سنوات.
الباحث الاقتصادي مراد منصور، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن مناطق شمال غربي اليمن تتركز فيها كتلة عمالية كبيرة ممن يمتهنون الزراعة وصيد الأسماك حيث تعتبر ما يعرف بمناطق تهامة سلة الغذاء الرئيسية لليمن. ويلفت إلى خطورة تضرر الإنتاج الزراعي في هذه الرقعة الجغرافية المهمة في البلاد حيث يجد المزارعون والجمعيات الإنتاجية صعوبة بالغة في الوصول إلى الأسواق المحلية والخارجية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل وإغلاق أهم منافذ التصدير.
ويعيش جزء كبير من السكان بمناطق وعرة في المرتفعات الغربية والوسطى التي تنتج الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعي ويتركز فيها معظم النشاط الاقتصادي في اليمن، كما تتركز أكبر الأسواق ومراكز التصنيع والمراكز التجارية في البلاد في نفس هذه المناطق، إذ ينتشر معظم السكان المحليين فيها عبر 133ألف قرية وتجمع ريفي صغير، في حين يؤدي ضعف الوصول للطرق الحيوية إلى تقييد تدفق البضائع وحركة الأشخاص، وارتفاع تكلفة المعيشة.
كما قيّد الصراع الوصول إلى الأسواق الدولية والمحلية بشدة، وزاد من طول سلسلة التوريد وتعقيدها، وترك مئات الآلاف من اليمنيين يعانون من حصار جزئي في البلدات والمدن. وأدت البنية التحتية للطرق المدمرة والحواجز المادية إلى زيادة الانقطاع الاقتصادي مع تفاقم الانقسام المادي والسياسي في اليمن.