اندلعت أزمة البحر الأحمر وأثرت سلبًا على العديد من حملات تصدير المنتجات المصرية، حيث كانت الفواكه الحمضية أول ضحاياها، ولكن يبدو أن حملة تصدير البطاطس تسير على ما يرام. حيث يقول (ياسين عبد الحي)، المستشار الخاص بالتصدير في شركة عرفة، وهي شركة مصرية تصدر البطاطس: "على الأقل هذا هو الوضع بالنسبة لشركتنا، وكذلك للشركات الأخرى من نفس الحجم. بالتأكيد هناك زيادة في تكاليف النقل وتعقيدات لوجستية، ولكن حجم التصدير غير متأثر".
و تعود مناعة قطاع البطاطس من مشاكل سلسلة التوريد إلى الأزمة الأكبر في إنتاج هذه المحصولات الأساسية للاستهلاك على المستوى العالمي.
حيث يقول:"الطلب ببساطة قوي جدًا في الأسواق الآسيوية، والدول الرئيسية المنتجة تواجه مشاكل خطيرة، بما في ذلك في آسيا. لذا يجب أن تصل البطاطس إلى وجهتها، حتى لو كان عليها أن تأخذ طريقًا طويلًا عبر رأس الرجاء الصالح، و ما يساعد أيضًا في التخفيف من الوضع هو الكميات الهائلة التي يتم تصديرها. في مصر، على سبيل المثال، نحصل على أدنى أسعار النقل في السوق بسبب الكميات المشاركة في تصدير البطاطس."
و يصف المصدر الذي يعمل في مجال التصدير الأزمة، قائلاً: "تواجه سوق المنتجات الطازجة على مستوى العالم عددًا من التحديات التي يمكن أن تؤدي إلى نقص في إمدادات البطاطس في عام 2024. تغير المناخ وحظر التصدير المفروض من قِبل الدول المنتجة الرئيسية من بين القضايا التي تثير القلق. يحذر الخبراء من أن هذه التحديات يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار البطاطس في السوق. تعتمد عدة دول آسيوية بشدة على البلدان الأخرى للحصول على إمداداتها من البطاطس الطازجة، بما في ذلك ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا وعمان والإمارات العربية المتحدة والكويت وسريلانكا وموريشيوس. والموردين الرئيسيين لهذه الدول هم ألمانيا والهند والصين وباكستان وبنغلاديش ومصر."
و بدورها، تواجه هذه البلدان المُصدِّرة العديد من التحديات التي تحد من إمداداتها، كما يذكر عبد الحي:
• في ألمانيا، يتسبب تغير المناخ وعدم توفر بذور البطاطس لموسم 2024 في عدم استقرار الإنتاج في ألمانيا. و تؤثر الحالة الحالية في البحر الأحمر أيضًا على طرق الشحن إلى الدول الآسيوية، مما يضطرها للمرور عبر رأس الرجاء الصالح، مما يؤدي ذلك إلى زمن عبور أطول. ولتعقيد الأمور، فقد حظرت ألمانيا استخدام المواد الكيميائية المانعة للتجذير، مما يعني أن زمن العبور الممتد قد يؤدي إلى مشاكل في الجودة والتلف، بما في ذلك التجذير. و من الضروري أن نأخذ هذه التحديات في الاعتبار عند النظر في مستقبل صناعة البطاطس الألمانية.
• أذنت بنغلاديش مؤخرًا بإستيراد البطاطس من الهند للمرة الأولى، و ذلك ردًا على انخفاض إنتاج البطاطس بسبب ظروف الطقس السيئة وتغير المناخ. ووفقًا للجمعيات المحلية، فإن هذا الانخفاض في إنتاج البطاطس أدى إلى ارتفاع أسعارها في البلاد. وهذا يشير بوضوح إلى تأثير تغير المناخ على الزراعة.
• في الهند، توقعت وزارة الزراعة انخفاضًا بنسبة 2% في محصول البطاطس لعام 2023-2024 بسبب انخفاض العائدات المتوقعة نتيجة لأمراض البطاطس المتأخرة وتقلبات الأمطار في نوڤمبر الماضي/ تشرين الثاني. نتيجة لذلك، زاد الطلب المحلي على البطاطس المخصصة للتصنيع، مما يثير مخاوف من وجود نقص في إمدادات البطاطس في البلاد. و يُعزى انخفاض إنتاج البطاطس أيضًا إلى حقيقة أن العديد من المزارعين يفضلون زراعة الثوم بدلاً من البطاطس، نظرًا لارتفاع أسعار الثوم في العام الماضي. و إذا لم يتمكن المزارعون من إيجاد توازن بين المحصولين الاثنين، فقد تقع الهند مستقبلاً في نقص أو حظر التصدير كما حدث في حالة البصل.
• في باكستان، تكون عائدات محصول البطاطس منخفضة بسبب ندرة البذور المعتمدة للبطاطس. و هذه الندرة لا تقلل فقط من إنتاجية محاصيل البطاطس، بل تُعيق أيضًا قدرة المزارعين على تحقيق معايير الجودة، مما ينتج عنه تقليل جودة البطاطس.
و في هذه التكوينة السوقية، التي يبدو أنها مستمرة على مر الوقت - وقد كانت الحالة لمدة مواسم ما لا يقل عن موسمين أو ثلاثة - تصبح التجارة الدولية وحاجة البلدان لتنويع مصادرها الغذائية أمرًا مهمًا بشكل خاص. و يدافع عبد الحي عن المنشأ المصري قائلاً: "هذه فرصة لمصر لزيادة حصتها في السوق. يمكننا أن نلعب دورًا استراتيجيًا في تأمين البطاطس الطازجة لدول الخليج ودول الشرق الأقصى بفضل عدد من المزايا، بما في ذلك توافر أكثر من مليون طن من البطاطس المصرية الطازجة للتصدير بحلول سبتمبر/ أيلول، ذات جودة ممتازة مع محتوى صلب عالي ومحتوى سكر منخفض، مناسبة لمصانع رقائق البطاطس والبطاطس المقلية. التحدي الرئيسي الذي نواجهه هو أن موسم الحصاد سينتهي في نهاية يونيو/ حزيران، لذلك يجب أن تتم الموافقة على جميع التسليمات من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول وتخزينها خلال موسم الحصاد".
و يواصل عبد الحي قائلاً: "في شركة عرفة، نحن واحدة من الشركات المنتجة والمصدرة الرئيسية للبطاطس والفول السوداني في مصر، ولدينا مكانة قوية في السوق الدولية. كما لدينا خبرة واسعة في تصدير البطاطس المصرية الطازجة إلى إسبانيا وبلجيكا وكرواتيا والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا ولبنان والعراق وغيرها من البلدان. و نحن الرائدون في سوق تصدير البطاطس المخصصة للتصنيع (أصناف ليدي روزيتا وهيرميس) التي تلبي المواصفات المثالية لرقائق البطاطس (صلبة عالية، محتوى سكر منخفض). و يتم إنتاج كامل على مزارعنا الخاصة، التي تبلغ مساحتها الإجمالية حاليًا 10,000 فدان. كما أننا المورد المعتمد لشركة بيبسيكو في مصر والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا والعراق، ونورد أيضًا لمصانع أخرى حول العالم".
و يختتم المصدّر قائلاً: "نتطلع إلى تمثيل مصر في المعرض القادم للفواكه والخضروات "ماكفروت"، وندعو المستوردين من جميع أنحاء العالم لزيارتنا في القاعة B3، الموقع 151-D."