هزت التقارير التي تحدثت عن هجوم إسرائيلي على الأراضي الإيرانية، والذي ربما يجر الشرق الأوسط إلى صراع أعمق، الأسواق العالمية بمخاطر جيوسياسية يمكن أن تغير بسرعة اتجاه أي شيء، من النفط إلى السندات وتجديد مخاطر التضخم.
وتراجعت الأسهم الجمعة، وقفز النفط لفترة وجيزة أكثر من 3 دولارات للبرميل، وارتفعت السندات الحكومية التي تعتبر ملاذا آمنا.
وكانت التحركات متواضعة نسبيا، لكن التوترات المتصاعدة تبعث حالة جديدة من عدم اليقين وتثير المخاوف من أن ارتفاع أسعار النفط وانقطاع الإمدادات المحتملة سيبقي التضخم مرتفعا.
وقال تيم غراف، رئيس مجلس الإدارة الاستراتيجية الكلية لأوروبا في "ستيت ستريت جلوبال ماركتس": "رغم أن هذه تبدو أكثر اعتدالا، تحركات مرسلة بين إيران وإسرائيل، وليست الحالة الأساسية التي نشهد فيها صراعا أوسع، إلا أنك ربما تحتاج إلى تسعير المزيد من علاوات المخاطرة".
وفيما يلي نظرة على الوجبات الرئيسية للأسواق.
1- النفط
ارتفعت أسعار النفط بنسبة 13% تقريبا حتى الآن هذا العام لتقترب من 90 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن تظل مرتفعة.
ووصف صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، "سيناريو سلبيا" يؤدي فيه التصعيد في الشرق الأوسط إلى قفزة بنسبة 15% في أسعار النفط وارتفاع تكاليف الشحن، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم العالمي بنحو 0.7 نقطة مئوية.
ويعود السبب في تقلص إمدادات النفط وارتفاع الأسعار إلى قيام منظمة "أوبك" للدول المنتجة للنفط وغيرها من كبار منتجي النفط بخفض الإنتاج.
ورفع مورجان ستانلي توقعاته لخام برنت في الربع الثالث إلى 94 دولارا.
وقال توماس ماكغاريتي، رئيس قسم الأسهم في RBC Wealth Management: "يبدو أن علاوة المخاطر الجيوسياسية قد تم دمجها في أسعار النفط، ولكن من الواضح أن المزيد من التصعيد يمثل المزيد من المخاطر المتصاعدة".
2- التضخم.. جولة ثانية
بسبب فزعهم من أرقام التضخم الساخنة الأخيرة في الولايات المتحدة، يراقب المستثمرون النفط. لقد كان ارتفاع أسعار الطاقة قبل عامين هو الذي ساعد في دفع التضخم وأسعار الفائدة إلى الارتفاع.
ويهدد ارتفاع أسعار النفط التحرك الهبوطي للتضخم، وقد يؤدي إلى إعادة تقييم أخرى للرهان على تخفيضات أسعار الفائدة العالمية.
وسجل مقياس السوق الرئيسية لتوقعات التضخم في منطقة اليورو على المدى الطويل، والذي يتتبع النفط بشكل عام، يوم الثلاثاء، أعلى مستوى له منذ ديسمبر، عند 2.39٪. ويظل المعدل أعلى من هدف التضخم الذي حدده البنك المركزي الأوروبي عند 2%.
وقال البنك المركزي الأوروبي إنه "يهتم بشدة" بتأثير النفط الذي يمكن أن يضر بالنمو الاقتصادي ويعزز التضخم.
3- تحرك نحو مخزون الطاقة
أسهم الطاقة هي الرابح من ارتفاع أسعار النفط.
يفتح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للنفط (SPNY) علامة تبويب جديدة، كما سجلت أسهم النفط والغاز الأوروبية (.SXEP) مستويات قياسية مرتفعة في وقت سابق من شهر أبريل قبل أن تتراجع.
وقفزت أسهم النفط الأمريكية بنسبة 12% تقريبا حتى الآن هذا العام، متفوقة على أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع (.SPX)، وتفتح علامة تبويب جديدة على مكاسب بنسبة 5%.
توصي Yardeni Research بمركز "زيادة الوزن" في أسهم الطاقة، مع توقع ارتفاع خام برنت إلى 100 دولار في الأسابيع المقبلة كاحتمال.
وارتفع سعر النفط لفترة وجيزة إلى حوالي 139 دولارا بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2008.
وقال ماكغاريتي من RBC: "إن ارتفاع أسعار النفط يعقد جهود البنوك المركزية لخفض التضخم إلى المستويات المستهدفة". "يمكن القول إن التعرض لقطاع الطاقة يوفر أفضل تحوط لكل من التضخم والمخاطر الجيوسياسية في محافظ الأسهم على المدى القريب".
4- الاندفاع إلى الملاذ الآمن
الطلب على الملاذات الآمنة مثل السندات الأمريكية أو الألمانية -وخاصة قبل عطلة نهاية الأسبوع- يتفوق في الرغبة ببيع السندات، نظرا لتجدد مخاطر التضخم بسبب ارتفاع أسعار النفط في الوقت الحالي.
وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 15 نقطة أساس يوم الجمعة، وانخفضت في أحدث مرة بمقدار 6.5 نقطة أساس إلى 4.58٪، بانخفاض عن أعلى مستوياتها في خمسة أشهر الأخيرة.
وقال فيليب شو، كبير الاقتصاديين في "انفستك": "هذا يشير إلى أن الأسواق مهتمة أكثر بالحاجة إلى ملاذات آمنة من الآثار التضخمية المباشرة لارتفاع أسعار الطاقة".
واستفاد الدولار والفرنك السويسري أيضا من الطلب على العملات الآمنة، حيث من المتوقع أن تزيد العوامل الجيوسياسية وارتفاع أسعار النفط من ارتفاع الدولار الذي يغذيه تقليص الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأمريكية.
وتؤدي قوة الدولار إلى تفاقم الضغوط على اقتصادات مثل اليابان التي تتصارع على الين عند أدنى مستوياته منذ 34 عاما، مع قلق التجار بشأن التدخل المحتمل من البنك المركزي.
وقال فرانشيسكو بيسول، محلل العملات لدى (آي إن جي)، إن المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى خسائر في عملات نيوزيلندا وأستراليا والسويد والنرويج مع تأثر معنويات المخاطرة. ومن الممكن أن يرتفع الفرنك السويسري أكثر.
5- ألم جديد
كما أن ارتفاع أسعار النفط وارتفاع الدولار يلحقان الضرر بالأسواق الناشئة، مثل الهند وتركيا، وهي مستوردة صافية للنفط.
وسجلت الروبية الهندية أدنى مستوياتها القياسية هذا الأسبوع.
وحتى بالنسبة لنيجيريا وأنجولا، وهما عادة أكبر مصدري النفط في أفريقيا، فإن ضعف العملات المحلية وارتفاع أسعار الوقود أضر بخزائن الحكومة، بسبب تحديد أسعار البنزين في محطات البنزين ونقص تكرير النفط المحلي.
وقال بيسول: "إن العودة إلى ما يزيد عن 100 دولار في أسعار النفط قد تقنع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتخلي عن الآمال في تخفيف السياسة النقدية في الوقت الحالي. كما أن التأثير الكبير المحتمل للمخاطر الجيوسياسية على عملات الأسواق الناشئة من شأنه أن يؤدي إلى تحول كبير نحو الدولار".