تلقي الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر بتبعاتها على أنشطة الصيد في اليمن، لتضيف المزيد من المتاعب للصيادين الذين يعانون من انحسار أعمالهم وتضرر موانئ الصيد والقوارب بفعل سنوات الحرب التي مزقت البلاد.
وتبدي جمعيات عاملة في مجال الاصطياد السمكي قلقها ومخاوفها الشديدة جراء ما يتعرض له هذا القطاع من تدهور خطير، وسط توسع الأعمال العسكرية وانتشار البوارج والقطع الحربية في مياه البحر الأحمر وتأثير ذلك على مناطق الاصطياد في محافظات اليمن الشمالية الغربية مثل الحديدة وحجة ومناطق المخاء وذباب وباب المندب.
وتاتي هذه المخاطر لتضاف إلى تداعيات استمرار ممارسات جرف الثروة السمكية واستنزافها من قبل أباطرة صيد إقليميين ودوليين كما هو حاصل في مياه محافظات اليمن الشرقية كالمهرة وحضرموت وسقطرى.
يقول طاهر قايد، وهو مسؤول في جمعية عاملة في الاصطياد السمكي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك صعوبات بالغة يواجهها الصيادون في سواحل اليمن الشمالية الغربية على البحر الأحمر في الوصول إلى مناطق الاصطياد بسبب خطورة الأوضاع ليس بسبب تصاعدها مؤخراً بل أيضا من بفعل الصراع الدائر في البلاد وتركزه بدرجة رئيسية في مثل هذه المناطق الاستراتيجية في ظل تحويل عدد من مراكز الإنزال السمكي إلى مخازن ومواقع عسكرية.
وشكلت الولايات المتحدة الأميركية تحالفا دوليا بعد تكثيف الحوثيين لهجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تم تدشينها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على السفن التجارية الإسرائيلية والمتعاونة معها رداً على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
ويؤكد قايد أن تصاعد الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر وبحر العرب سيكون له تأثير كبير على جرف الأسماك وتهجيرها عن السواحل ومناطق الاصطياد في المياه اليمنية.
ويقدر عدد الصيادين الذين تأثروا أو فقدوا مصادر دخلهم جراء الصراع في اليمن بما يقارب 30 ألف صياد و102 موظف و21 ألفاً من الأيدي العاملة المساعدة، فضلا عن تدمير 249 قارب صيد في سواحل الحديدة وحجة، فيما بلغت الخسائر المترتبة على توقف تنفيذ المشاريع السمكية في البحر الأحمر أكثر من 1.5 مليار دولار، إضافة إلى الخسائر الناتجة من الاصطياد الجائر وغير المرخص.
ويرى خبراء في الاقتصاد والبيئة أن هناك أضرارا بالغة للسفن الحربية المنتشرة في الممرات المائية، إضافة إلى الأضرار الناتجة جراء رمي الملوثات المختلفة في السواحل والمياه اليمنية والتي تسببت وفق بيانات رسمية في خسائر تقدر بنحو 420 مليون دولار، في حين يُقدر إجمالي تقييم الأضرار البيئية لسفن الصيد الأجنبية المخالفة بنحو 1.68 مليار دولار، إلى جانب الخسائر الناتجة من الصناعات والخدمات المصاحبة للنشاط السمكي والرسوم والعائدات والتي تصل إلى حوالي 100 مليون دولار.
ويشير الصياد خميس عايش، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن التواجد العسكري للبوارج والسفن الحربية يتسبب في تدمير مناطق الاصطياد، لافتا إلى خطورة هذه الأوضاع التي تمنعهم من البحث عن بدائل للاصطياد السمكي.
وكانت سلطة صنعاء قد استنكرت الشهر الماضي استمرار جرائم الاعتداءات والصيد الجائر من قبل قوى العدوان للثروة البحرية في المياه الإقليمية في بحر العرب وخليج عدن" باستخدام قوة السلاح، موضحة أن هناك بواخر عملاقة تتبع شركات أجنبية تعمل على تجريف الثروة السمكية منذ سنوات، مستغلة غياب مؤسسات الدولة وعدم تطبيق القانون على المخالفين.
بدوره، يشدد الخبير الاقتصادي ياسين القاضي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، على أن قطاع الصيد في اليمن من أكثر القطاعات المتضررة من الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر، بينما لايزال يعاني من تبعات الصراع المحلي في اليمن وانتشار الألغام البحرية.
ويؤكد البنك الدولي أهمية إنعاش هذا القطاع الحيوي في اليمن، حيث قدم مساندة مباشرة إلى 250 صياداً على شكل منحٍ لشراء المولدات الكهربائية للقوارب، وأنظمة تحديد المواقع، وأجهزة اكتشاف تجمعات الأسماك، إضافة إلى دعم تقنيات الصيد الحديثة من خلال دورات تدريبية، لتمكين المستفيدين من تعزيز حجم صيدهم وزيادة دخلهم.
ويبلغ طول الساحل اليمني 2520 كيلومتراً، وتوفر موارده السمكية الوفيرة سبل كسب العيش والتغذية لسكان الساحل، كما يعد اليمن منتجاً رئيسياً للأسماك بحسب البيانات الصادرة قبل الحرب في البلاد العام 2015، والتي ترجح وجود أكثر من 350 نوعاً من الأسماك وغيرها من الأحياء البحرية في مياه اليمن الإقليمية.
وتعد الأسماك المصدر الرئيسي للغذاء في المناطق الساحلية اليمنية، حيث يعتمد عليها سكان هذه المناطق في موائدهم ووجباتهم اليومية، في حين يجدون أنفسهم خلال الفترة الماضية في حالة عجز تام على شرائها للارتفاع المبالغ به في أسعارها وانخفاض المعروض منها مع وصول الأمر إلى بعض الأصناف التي كانت تتوفر بمستويات تفوق احتياجات الأسواق.