تُحذّر التحليلات من أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والسلع الأخرى.
حيث أوقفت عِدة شركات شحناتها عبر هذا الطريق بعد تعرض السفن لهجمات من قبل الحوثيين في اليمن.
و أعلنت شركة "مارسك"، ثاني أكبر شركة شحن بحري في العالم، الثلاثاء، أنها ستُعيد توجيه بعض سفنها حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا.
وقد أدت هذه الاضطرابات إلى إطلاق الولايات المتحدة عمليةً بحرية دولية لحماية السفن في مسار البحر الأحمر.
وتشمل الدول التي انضمت إلى المجموعة الأمنية المملكة المتحدة وكندا وفرنسا والبحرين والنرويج وإسبانيا.
كما عقد وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، اجتماعاً افتراضياً مع وزراء من أكثر من 40 دولة، الثلاثاء، ودعا إلى مشاركة المزيد من الدول في جهود الحفاظ على أمان الشحن في البحر الأحمر.
وقال: "إن هذه الهجمات المتهورة من الحوثيين تُشكل مشكلة دولية خطيرة، وتتطلب استجابة دولية قوية".
و يُعد البحر الأحمر واحدا من أهم طرق الشحن للنفط والغاز الطبيعي المسال في العالم، فضلاً عن السلع الاستهلاكية.
ويحده مضيق باب المندب -المعروف أيضاً ببوابة الدموع- في الجنوب قرب ساحل اليمن وقناة السويس في الشمال.
وقد أعلن الحوثيون دعمهم لحماس في حربها مع الإسرائيليين، وقال المتمردون المتمركزون في اليمن إنهم يستهدفون السفن التي يعتقدون أنها في طريقها إلى إسرائيل.
ومع ذلك، قالت بعض الشركات، مثل "مستثمر للناقلات الكيميائية" التي تعرضت سفينتها "إم تي سوان أطلانتيك" للهجوم، الاثنين، إن سفينتها ليس لها علاقة بإسرائيل.
ورغم إطلاق عمليةٍ بحرية دولية لضمانِ مرورٍ آمن في البحر الأحمر، قالت "مارسك" إنه ليس واضحاً متى ستستأنف رحلاتها عبر هذا الطريق.
وأضافت: "سيتم إجراء تقييم حالة بحالة لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء تعديلات - بما في ذلك التحويل عبر رأس الرجاء الصالح واتخاذ إجراءات طارئة إضافية. ونحن سعداء برؤية استجابة الحكومات العالمية بسرعة بجهود مشتركة فيما يتعلق بالأمن البحري الدولي وبناء القدرات في المنطقة لإيجاد حل يمكننا من خلاله استئناف المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن وقناة السويس في المستقبل القريب. ومع ذلك، في الوقت الحالي من الصعب تحديد متى ستتم هذه العودة بالضبط".
إذ إن المسار البديل عبر رأس الرجاء الصالح يُضيف حوالى 3,500 ميل بحري إلى الرحلة ويستغرق حوالى 10 أيام إضافية.
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الهجمات على السفن في الأيام الأخيرة، قال صاحب ناقلة النفط "سوان أطلانتيك" إن السفينة تعرضت لـ"جسم غامض"، الاثنين، فيما وصفت "مارسك" الوضع بأنه "مقلق" يوم الجمعة، وذلك بعد حادث "مراوغة محتملة" تعرضت له "مارسك جبل طارق" وهجوم آخر على سفينة حاويات.
كما أعلنت شركة النفط العملاقة "بي بي"، الاثنين، أنها ستوقف مؤقتاً جميع شحنات النفط الخام عبر الممر التجاري الرئيسي. وحتى الآن، لم تُعلق شركة الطاقة العملاقة شل على الوضع.
وفي الوقت الحالي، كانت التغيرات في أسعار النفط طفيفة، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 1% يوم الاثنين، ولكن لم تتغير كثيراً الثلاثاء، حيث بلغ سعر النفط الخام القياسي برنت حوالى 78 دولاراً للبرميل.
و نظراً لأن البنزين مُستَمد من النفط، فإن زيادة أسعار النفط الخام عادة ما تنعكس في ارتفاع تكاليف الوقود في محطات التزود.
وقد صرح ريتشارد ميد، رئيس تحرير صحيفة الشحن" لويدز ليست"، لبرنامج "بي بي سي"،" راديو 4" اليوم: "ما سيكون مثيراً للاهتمام جداً هو ما إذا كانت الناقلات ستواصل تغيير مسارها، ومن الواضح أن يوم أمس رأينا بي بي تبدأ في تغيير مسار بعض سفنها حول رأس الرجاء الصالح أيضاً. وهو سوق متوازن بشكل أفضل بكثير ويمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على سلسلة التوريد العالمية".
ومع ذلك، ستؤثر عملية تغيير المسار ليس على النفط وحسب، بل على باقي السلع أيضاً. حيث أوضح السيد ميد من "لويدز ليست" أن 12% من التجارة العالمية تتم عبر البحر الأحمر، وهو ما يعادل حوالى تريليون دولار من السلع سنوياً.
وقال: "لقد رأينا أن معظم شركات النقل البحري الرئيسية -وهذه هي التي تحمل السلع المنتهية مثل التلفزيونات والإلكترونيات والأحذية الرياضية- بدأت بالتغيير بشكل حصري تقريباً".
و صرًح أيضاً ماركو فورجيونا، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية، لشبكة" بي بي سي" أن تغيير المسار سيزيد تكاليف الوقود والتأمين للشحن، "وثمة مشكلة في أن السفن في مكان خاطئ، والحاويات في مكان خاطئ، وبالتالي يمكن أن تحدث ازدحاماتٍ في الموانئ وتأخيرات أكثر".
وذكرت "إس آند بي جلوبال ماركت إنتليجنس" أنه تم شحن ما يقرب من 15% من السلع المستوردة إلى أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا من آسيا والخليج عن طريق البحر. ويشمل ذلك 21.5% من النفط المكرر وأكثر من 13% من النفط الخام.
ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة التضخم، والذي يقيس وتيرة ارتفاع الأسعار. وكان قد تراجع التضخم في المملكة المتحدة ويبلغ حالياً 4.6%.
وستكشف الأرقام الجديدة المتاحة يوم الأربعاء ما إذا كان التضخم قد استمر في الانخفاض، ولكن على المستوى الحالي، فإنه لا يزال أكثر من ضعف هدف بنك إنجلترا البالغ 2%. وكان البنك، حتى الأشهر الأخيرة، يرفع أسعار الفائدة للتحكم في التضخم.
وقد شنّت جماعة الحوثيين هجمات على السفن المتجهة إلى إسرائيل، باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ ضد السفن الأجنبية.
و صرح سال ميركوجليانو، مؤرخ بحري في جامعة كامبل، لشبكة "بي بي سي" أن السفن تنتظر لمعرفة مستوى الأمان الذي سيتم توفيره لها.
وقال: "الصواريخ الباليستية هي الأكثر صعوبة. فهي المرة الأولى التي نرى فيها السفن تتعرض لهذا النوع من الأسلحة، إنه نوع من الصواريخ التي يصعب إسقاطها. وعدد قليل جداً من السفن لديها القدرة على ذلك. وإذا كان هذا هو التهديد الذي تواجهه السفن، فقد تقرر العديد من شركات الشحن عدم السير في هذا الطريق".