يراقب اليمن تطورات ومسارات الأحداث المتصاعدة في المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وسط مخاوف واسعة من انعكاس تبعات ذلك على الاسواق التجارية الدولية والملاحة البحرية والشحن التجاري.
ويعاني اليمن من تراكم القيود المفروضة على التجارة الخارجية وتبعات ذلك في تصاعد أسعار السلع في اليمن وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، إذ زادت تكاليف الشحن التجاري عموماً إلى اليمن بنسبة تتجاوز 300%، فيما تشير التوقعات إلى ارتفاعها المحتمل مجدداً بسبب توترات الأوضاع في المنطقة بفعل حرب الاحتلال على غزة، إضافة إلى موقع اليمن الإستراتيجي على طريق التجارة البحرية الدولية.
ويتوقع خبراء في قطاع التأمين لـ"العربي الجديد"، أن تكون للأحداث المتصاعدة في المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي تبعات على الشحن التجاري إلى اليمن، وزيادة تكاليف التأمين البحري بسبب ارتفاع المخاطر في المياه اليمنية الإقليمية.
الخبير اليمني المختص في مجال التأمين، علي سيف، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن شركات الإعادة تعمل في مثل هذه الظروف على إجراء تقييم ودراسة شاملة للوضع والمخاطر المحتملة والبلدان موضع التأثير بالأحداث وعلاقتها بالتجارة والملاحة البحرية وكذا أوضاعها الداخلية.
لذا، وفق حديثه، فإن اليمن يأتي في طليعة الدول التي تُقيَّم تحت مستوى الخطر، وهذا ما جرى طوال السنوات الماضية بسبب الأوضاع الداخلية في البلاد، إذ كان هناك تقييم سلبي للوضع أدى إلى إحجام شركات التأمين العمل على الشحن التجاري إلى اليمن أو الاستمرار في العمل بتكاليف مرتفعة.
كانت وزارة النقل اليمنية قبل اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في مرحلة مفاوضات متقدمة مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي لإنشاء صندوق ضمانة لتخفيض أقساط التأمين البحري على السفن القادمة إلى الموانئ اليمنية، وذلك بغرض رفع أقساط التأمين الإضافي ضد مخاطر الحرب، وعقد صفقة تجارية لخفض الأقساط التأمينية وعودتها إلى وضعيتها السابقة.
كذلك لا يزال اليمن يعاني من تبعات الحرب الروسية في أوكرانيا، وما سبّبته من اضطراب سلاسل الأمداد من القمح والحبوب في الأسواق العالمية وتأثيرات ذلك في الدول التي تعتمد الاستيراد لتوفير جميع احتياجاتها السلعية بنسبة تزيد على 80%.
في السياق، يقول مالك شركة عاملة في مجال الاستيراد والشحن التجاري، حامد العمري، لـ"العربي الجديد"، إن اليمن سيتأثر مباشرةً بالحرب الإسرائيلية وتبعاتها على التجارة الدولية مع تصاعد الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً بعد عودة ميناء الحديدة شمال غربيّ اليمن للعمل مرة أخرى في استقبال السفن المحملة بالبضائع بعد توقف استمر لأكثر من أربع سنوات، مشيراً إلى تأثر هذه المنطقة على البحر الأحمر بمسارات الأحداث المتصاعدة والقلق المتزايد من توترات الأوضاع في هذه الممرات البحرية والذي تبني عليه الشركات الدولية العاملة في الشحن التجاري والتأمين البحري تقييمها لمجريات الأحداث ومستوى ارتباطها بخططها وعملها.
يوجد في اليمن نحو 8 موانئ بحرية محلية، منها 6 موانئ دولية، أهمها عدن (جنوب اليمن) والحديدة والمخاء (شمال غرب)، والمكلا في حضرموت، ونشطون في المهرة ( في جنوب اليمن وشرقه).
وتعمل أربعة موانئ بقدرات منخفضه للغاية، في حين هناك ثلاثة موانئ مغلقة، من بينها ميناء المخاء الذي يُعمَل على تأهيله وإعادته للخدمة، إلى جانب ميناء بلحاف في شبوة المخصص لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وميناء رأس عيسى الذي أدت الحرب والصراع الدائر في اليمن، والناقلة المتعثرة صافر إلى إيقافه.
القانوني المختص في المعاملات التجارية، معاذ الحربي، يتطرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى وضعية اليمن المتأثرة بالصراعات وهشاشتها في التأثر بالأزمات والأحداث الطارئة من خلال الإشارة إلى تأثر البلاد خلال الأعوام الماضية نتيجة خضوعها للفصل السابع للأمم المتحدة، وتبعات ذلك في ارتفاع أسعار الشحن التجاري البحري وعرقلة الإمدادات والتسبب بنشوب العديد من المشاكل بين العملاء والموردين التي وصل بعضها إلى المحاكم ولم يُبَّت فيه حتى الآن، لذا يرجح أن تتضرر كثيراً نتيجة تصاعد الأحداث والعدوان الإسرائيلي على غزة.
الجدير بالذكر أن المؤسسات العامة الحكومية في عدن تستخدم نظام المزادات لتمويل فاتورة الواردات السلعية، إذ قدم البنك المركزي اليمني في عدن ما يقرب من 110 ملايين دولار من النقد الأجنبي إلى السوق المفتوحة من خلال تسعة مزادات للعملة الأجنبية خلال عام 2021.
ويؤكد البنك الدولي في تقرير صادر نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن الاقتصاد اليمني يواجه تحدياً إضافياً بسبب انخفاض الواردات السلعية، وإعادة توجيه الواردات من عدن إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي أعيد فتحها في إطار الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، إذ تظهر البيانات المتوافرة انخفاضاً كبيراً بلغ 61% في الواردات عبر ميناء عدن في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب 2023، في حين شهد ميناء الحديدة انخفاضاً أقل بكثير بنسبة 8%، حيث أثر هذا التحول كثيراً بمساهمة ميناء عدن في إجمالي واردات اليمن عموماً.