فن: من المشرق إلى المغرب... مخرجون عرب يتنافسون في مهرجان كان
يمن فيوتشر - فرانس 24- بوعلام غبشي الخميس, 19 مايو, 2022 - 10:10 صباحاً
فن: من المشرق إلى المغرب... مخرجون عرب يتنافسون في مهرجان كان

[ عمال يفرشون السجاد الأحمر- أسوشيتيد برس ]


حتى وإن غابت عن المسابقة الرسمية، تسجل السينما العربية مشاركتها في مهرجان كان في دورته 75، للتنافس على الجوائز بصفة رئيسية ضمن الاختيارات الرسمية لمسابقة "نظرة ما" وفي القسم الموازي "نصف شهر المخرجين". ووقع هذه الأفلام مخرجون من تونس، المغرب وفلسطين ولبنان. ويعتبر مهتمون بالشأن السينمائي أن هذه المشاركة تبقى متميزة، لأن مجرد اختيار هذه الأفلام للدخول في السباق هو "نجاح" في حد ذاته. وينضاف إلى هذه الأسماء مخرجون عرب آخرون يحضرون على مستويات أخرى من التظاهرة. 
كانت السينما العربية حاضرة دائما في مهرجان كان السينمائي على مستويات مختلفة من المشاركة، واستطاع مخرجون عرب أن يتركوا بصمة خاصة في تاريخ هذا العرس السينمائي العالمي، الذي دخل دورته 75 هذا العام، ما أكسبهم شهرة دولية في عالم الفن السابع. 
وينظر للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين كأحد أبرز هؤلاء، إذ ارتبط اسمه بأعمال جابت ليس الوطن العربي بل حتى دول العالم الأخرى من خلال أفلام متنوعة، لم تحصر نفسها في أسلوب فني معين، وتناولت قضايا ذات اهتمام لصيق بالإنسان المصري والعربي، سواء تعلق الأمر بالأوضاع الاجتماعية أو السياسية أو الأسئلة البالغة التعقيد التي تشغل العقل العربي دون أن يتمكن من إيجاد أجوبة شافية لها. وشارك المخرج المصري الكبير الذي توفي في 2008 لأول مرة في مهرجان كان سنة 1951 بفيلم "وادي النيل"، ليتم اختياره للمنافسة في الدورة الموالية أي 1952، ويبقى هذا الفيلم من بين أجود الأعمال المصرية في تاريخ سينما بلاد الفراعنة. واستمر حضور مخرج "المصير" في هذه التظاهرة السينمائية الدولية في مناسبات متعددة، كان آخرها في 2004. 
أما اليوم فتفتح الأبواب تدريجيا أمام وجوه جديدة وشابة من المخرجين العرب عبر مختلف الدورات وتتسع مشاركتهم فيها.

• وجوه من الجيل الجديد 
حضور السينما العربية في هذه الدورة 75 من مهرجان كان جاء بوجوه لا يعرف عنها الشيء الكثير الجمهور وأخرى استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحجز لنفسها موقعا خاصا في اهتماماته السينمائية. 
وتسجل السينما التونسية حضورا بارزا في هذه الدورة. فزيادة على مشاركتها في "نظرة ما" و"أسبوعي المخرجين" عبر ثلاثة أفلام، ارتأت اللجنة المنظمة اختيار المخرجة التونسية كوثر بن هنية على رأس لجنة "أسبوع النقاد". وعلى مستوى المخرجين دائما، فالسينما المصرية ممثلة في هذه النسخة الجديدة من المهرجان بالمخرج يسري نصر الله الذي يترأس لجنة الأفلام القصيرة، والتي تشارك فيها المخرجة الكندية من أصل تونسي منية شكري كعضو. 
وعلى غرار نصر الله، يقود مواطنه الناقد أحمد شوقي، لجنة تحكيم "الاتحاد الدولي للنقاد" السينمائيين. كما يشارك مخرج مصري آخر، ويتعلق الأمر بأحمد فوزي، في "أثوليي" الورش بمشروع فيلم بعنوان "هملت من عزبة الصفيح" المقتبس من رواية "هاملت" لشكسبير. 
ونحاول هنا نحاول التعرف على بعض الوجوه أكثر، خاصة تلك التي اختيرت أعمالها للمشاركة في المسابقتين "نظرة ما" و"نصف شهر المخرجين"، علما أن السينما العربية تغيب عن المسابقة الرسمية في هذه النسخة، وإن كان يجدر الإشارة إلى سويدي من أصل مصري أيضا وهو طارق صالح الذي يخوض السباق نحو السعفة الذهبية.

• المخرجة المغربية مريم التوزاني 
مريم التوزاني، وهي زوجة المخرج والمنتج المغربي نبيل عيوش. وهما وجهان سينمائيان يجمعهما الحب والحياة الزوجية والعمل المشترك لفائدة جمهور الفن السابع. وبرز نجم التوزاني خاصة في 2019 عند مشاركتها في مهرجان كان بـ"نظرة ما" من خلال فيلمها "آدم" الذي شارك في 2020 أيضا في مسابقة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي. وتشارك التوزاني في هذه الدورة بفيلم "القفطان الأزرق". وعملت التوزاني في الصحافة كما اشتغلت كممثلة. وأخرجت فيملين قصيرين "الليلة الأخيرة" و"آية والبحر". 
• المخرجة الفلسطينية مها الحاج 
اختارت المخرجة الفلسطينية مها الحاج أن تزف خبر قبول فيلمها "حمى المتوسط" في مسابقة "نظرة ما" عبر تدوينة لها على فيس بوك بعبارات ممزوجة بنوع من الأسى حول ما يحصل على الأراضي الفلسطينية. وكتبت: "رغم الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا في هذه الأيام، نود أن نشارككم فرحنا بترشيح الفيلم الفلسطيني 'حمّى البحر المتوسط' من كتابة وإخراج مها الحاج في مهرجان كان العالمي في إطار مسابقة 'نظرة ما' لعام 2022...". 
وهذا الفيلم هو ثمرة "جهود طاقم الفيلم منذ أربع سنوات من أجل إخراجه إلى النور، ليتكلل مجهودنا بافتتاح الفيلم في واحد من أهم مهرجانات السينما العالمية". تقول حاج. والعمل هو "إنتاج مشترك بين فلسطين، ألمانيا، فرنسا، قبرص وقطر". 
ومها الحاج هي من مواليد الناصرة، فاز فيلمها "برتقال" بجائزة الفيلم القصير للجمهور في مهرجان مونبلييه بفرنسا في 2012. ومن أعمالها الأخرى "الهجوم" في 2012، و"أمور شخصية" في 2016. 
• المخرج التونسي لطفي ناثان 
يشارك المخرج التونسي الشاب لطفي ناثان في هذه الدورة بأول فيلم روائي له، عنوانه "الحرقة" في قسم "أسبوعي المخرجين". والفيلم كان يحمل عنوان "كنترا" قبل أن يتم تغيير اسمه. ويحكي العمل معاناة شاب مع الحياة اليومية في كسب لقمة عيش حيث يمارس تجارة بيع الوقود المهرب. 
ناثان مخرج تونسي يقيم يقيم في الولايات المتحدة، حيث تعلم السينما وأنجز أول أفلامه الوثائقية "أبناء "منتصف النهار"، الذي نال عدة جوائز. 
• المخرج التونسي يوسف الشابي 
يجمع المخرج التونسي يوسف الشابي بين السينما والموسيقى. كما عمل مساعد مخرج في أشرطة كثيرة كـ"الدواحة" لرجاء لعماري. وسبق أن أخرج هذا الشاب، المولود في 1984 والذي تلقى تكوينه في فرنسا، "نحو الشمال" في 2010 الذي حصل على عدة جوائز. وينتسب الشابي إلى الجيل الجديد من المخرجين. ويخوض الشابي قسم "أسبوعي المخرجين" بفيلم "أشكال " .
المخرجة التونسية أريج السحيري 
تعتبر المخرجة التونسية أريج السحيري بدورها من وجوه الجيل الجديد في السينما التونسية. أخرجت في 2012 فيلم "فيس بوك والدي".
وتشارك في مسابقة "أسبوعي  المخرجين"  بـ"تحت الشجرة  التين" وهو أول فيلم روائي لها. والسحيري من مواليد 1982 بفرنسا، وانتقلت إلى كندا في 19 من العمر، إذ تابعت دراستها هناك. برز اسمها في إخراج عدد من الأفلام الوثائقية. وعرفت بجهودها في تصوير كل ما له علاقة بالسكك الحديدية التونسية، ما نتج عنه فيلمها الوثائقي الطويل الأول "عالسكة". 
وفي نفس القسم، يعرض فيلم "السد" للمخرج اللبناني علي شاري. وتروي أحداث الفيلم قصصا حقيقية استقصاها المخرج من احتكاكه المباشر مع عمال على مدى سنوات، تشكلت في خضمها علاقات قوية بين الجانبين. 
وضمن عروض منتصف الليل وهو من الاختيارات الرسمية لكن خارج المسابقة، يعرض فيلم "المتمرد" الذي يحكي قصة فتى مغربي يعيش أزمة هوية، وهو من إخراج البلجيكيين من أصل مغربي عادل العربي وبلال فرح، ويعرض.  

• المشاركة العربية اقتصرت على مخرجين يعيشون في الخارج
تقييما منه للمشاركة العربية في مهرجان كان، يلفت الإعلامي والمخرج المغربي بنيونس بحكاني المقيم في هولندا، أن هذه المشاركة "اقتصرت على مخرجين يعيشون في أوروبا ، وإن كان يعتبرها "مسألة مهمة" بحكم أن هذه الفئة من المخرجين تظل قريبة من القضايا التي تمس بلدانهم الأصلية، إلا أنه لا يتفهم غياب السينما التي تصنع في الدول العربية. 
ويشير بحكاني إلى أن "هناك إنتاج وأعمال في الدول العربية، لربما لم تكن محظوظة هذه المرة مع لجنة اختيار الأعمال. ومادامت تنتج أفلام في المنطقة فلا يمكن إقصاء الدول العربية بأي شكل من الأشكال"، ويعتقد أنه تحضر حسابات أخرى في اختيار الأفلام المشاركة غير الجودة السينمائية. 
وبالنسبة له، سيكون من السابق لأوانه، التكهن بمن سيفوز من المخرجين المشاركين، ولا يمكن تقييم حتى أعمالهم وإعطاء تخمينات بهذا الشأن في هذه المرحلة من التظاهرة. ويستدرك: "لكن باختيارهم للمشاركة في منافسة فنية من مسابقات كان، يكون هؤلاء المخرجون قد حققوا فعلا نجاحا". 


التعليقات