تقرير: سبتمبر في سينما الأربعاء.. الفن السابع وذاكرة الثورة
يمن فيوتشر - احمد الخطيب: الأحد, 28 سبتمبر, 2025 - 06:32 مساءً
تقرير: سبتمبر في سينما الأربعاء.. الفن السابع وذاكرة الثورة

رغم وطأة الحرب التي تقلّص الفضاءات العامة في تعز، ما تزال الثقافة تبحث عن مساحاتها الخاصة. ومن هذا الحرص، اختارت “بيت الصحافة” و”مؤسسة أرنيادا للتنمية الثقافية” أن تجعلا من شاشة السينما منبرًا للوعي والحوار. وفي شهر الثورة السبتمبريّة، حضرت السينما من خلال أفلام الثورات.
وُلدت مبادرة “سينما الأربعاء” كفعل ثقافي أسبوعي يتجاوز حدود الترفيه ليغدو مساحة للتفكير الجماعي، حيث تتحوّل القاعة المظلمة إلى ساحة نقاش تتلاقى فيها الرؤى حول الفن، الإنسان، والحرية.

 

•شهر الثورة
جاء اختيار سبتمبر للتركيز على أفلام الثورات متزامنًا مع الذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر، وما تمثله من ميلاد جديد للهوية الوطنية اليمنية. أراد القائمون على “سينما الأربعاء” أن يعيدوا عبر الشاشة استحضار لحظات فارقة في تاريخ الشعوب وربطها بالنضال اليمني من أجل الحرية.
يشرح مدير المشروع، ربيع صبري، فلسفة هذا الاختيار قائلاً:
“اخترنا هذا الشهر لعرض أفلام عن الثورات لإبراز أعمال خلدت نضال الشعوب، ونختم البرنامج بعرض وثائقيات عن ثورة 26 سبتمبر لإعادة قراءة تاريخنا وفهم كيف أن نضال الأمس يضيء لنا طريق الغد.”

 

•أداة لقراءة الواقع
منذ انطلاقتها، التزمت “سينما الأربعاء” بتخصيص عروض كل شهر لمجال محدد؛ فتارةً للصحافة، وأخرى للبيئة، وثالثة للتعليم أو الطب، في محاولة لبناء جسور معرفية تعبر بين الفنون والعلوم، وبين المتعة والتأمل.
ويقول مدير السينما، ربيع صبري، إن هذا التنويع يهدف إلى “خلق جمهور مثقف وواعٍ قادر على فهم القضايا المعقدة من زوايا مختلفة، بما يعزز الثقافة المهنية ويشجع على النقاش الحر.”


•ذاكرة حيّة
رواد “سينما الأربعاء” وجدوا في العروض الثورية فرصة للتأمل في علاقة الفن بالحرية. ويرى المخرج المسرحي أحمد جبارة أن السينما “هي المرآة التي تعكس حياتنا وتوثّق لحظات غيرت وجه التاريخ”، مشيرًا إلى أن أفلامًا تاريخية مثل “عنترة” و*“صلاح الدين”* وصولاً إلى “الرصاصة لا تزال في جيبي” لم تكن مجرد أعمال فنية، بل أدوات لتشكيل وعي الأجيال.
ويضيف: “تخصيص سينما الأربعاء هذا الشهر لأفلام الثورات يذكّرنا ببطولات سبتمبر وأبطاله، ويجعل الفن يتناغم مع نبض الواقع الذي نعيشه.”
أما غادة المقطري، إحدى رواد السينما، فتؤكد أن التجربة تتجاوز حدود الترفيه:
“تخصيص نوعية الأفلام وفقًا لسياق الأحداث يخلق تراكمًا معرفيًا ووعيًا متجددًا بالقضايا، وهذا ما حدث مع أفلام الثورات؛ فقد جدّدت فينا الزخم الثوري المتمثل برفض الظلم والسير على نهج أصحاب الوعي والضمير.”

 

•نموذج ثقافي يتجاوز المحلي
رغم أنها مبادرة وُلدت في تعز، إلا أن “سينما الأربعاء” تقدم نموذجًا يمكن أن يلهم تجارب عربية مشابهة، حيث يتقاطع الفن مع التربية المدنية، وتتحول العروض السينمائية إلى فعل مقاومة ناعمة ضد العزلة والخراب.
إنها أكثر من مجرد شاشة عرض، بل مختبر للذاكرة ومنصة لإعادة طرح الأسئلة الكبرى: كيف نرى أنفسنا؟ وكيف نصوغ علاقتنا بالحرية والتاريخ والإنسان؟
بهذا المعنى، تصبح السينما –في تعز كما في أي مكان– أكثر من فن للمتعة البصرية؛ إنها أداة للتذكير بأن الحرية ليست ماضيًا نحتفل به فحسب، بل حاضرًا نعيشه ونصوغه. ومبادرة “سينما الأربعاء” تثبت أن الثقافة، حتى في أكثر البيئات هشاشة، قادرة على فتح نوافذ للأمل، وجعل الفن السابع حارسًا لذاكرة الشعوب ومرآة لتطلعاتها.


التعليقات