تعلن مساء السبت أسماء الفائزين في مهرجان البندقية السينمائي، فيما يرجح كثيرون فوز المخرجة التونسية كوثر بن هنية بجائزة "الأسد الذهبي" عن فيلمها "صوت هند رجب".
وأثار هذا العمل موجة تأثر عارمة في المهرجان الإيطالي، وذرف الجمهور الدموع وهو يتابع مشاهده. وحظيَ بالتصفيق لثلاث وعشرين دقيقة متواصلة لدى عرضه، وبات الأوفر حظا لنيل الأسد الذهبي خلفا لـ"ذي روم نكست دور" The Room Next Door لبيدرو ألمودوفار.
"تأثير قوي على الحاضرين"
استندت مخرجة "صوت هند رجب" التونسية كوثر بن هنية إلى تسجيلات صوتية حقيقية للمكالمة بين الطفلة البالغة خمس سنوات وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، طلبا للنجدة قبل مقتلها.
وعُثر بعد 12 يوما على هند قتيلة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص في مدينة غزة كانت فيها مع خالها وزوجته وأبنائهما الثلاثة الذين قتلوا جميعا.
قبل مقتلها، ظلت هند ثلاث ساعات على الهاتف مع الهلال الأحمر الفلسطيني في 29 كانون الثاني/يناير 2024 فيما كان الجنود الإسرائيليون يطلقون النار على السيارة التي كان قد قتل كل من فيها.
وكان المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا قد توقع في تموز/يوليو الفائت، قبل عرض الفيلم، أن يُحدث "تأثيرا قويا على الحاضرين".
الأعمال البارزة في المهرجان
وعَكَس فيلم آخر هو "ذي ويزارد أوف ذي كرملين" The Wizard of the Kremlin ("ساحر الكرملين") من بطولة جود لو الأحداث السياسية الراهنة في العالم، إذ يروي قصة صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة.
وشكّل "بوغونيا" Bugonia لليوناني يورغوس لانثيموس "انعكاسا" للعصر الذي يتميز بـ"التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والحروب والتغير المناخي"، بحسب مخرجه. كما يسخر الفيلم من الهوس بنظرية المؤامرة.
ومن الأعمال البارزة الساعية إلى الفوز بجائزة البندقية فيلم "فرانكشتاين" ذو الموازنة الضخمة للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو.
وتميز المهرجان بحضور واسع للنجوم، وخصوصا الأمريكيين منهم، إذ يُعَدّ منصة انطلاق لجوائز الأوسكار، ويخصص مساحة واسعة من برنامجه للسينما الهوليوودية ومنصات البث التدفقي، خلافا لمهرجان كان.
وكان أول الوجوه البارزة جورج كلوني الذي دَرَج على حضور المهرجان، وتبعته إيما ستون وجوليا روبرتس التي شاركت للمرة الأولى في الموسترا.
كذلك كان لحضور نجوم أمريكيين آخرين وقع بارز، على غرار دواين جونسون "ذي روك" الذي يجسد في فيلم "ذي سماشينغ ماشين" The Smashing Machine (آلة التحطيم) شخصية محارب في مجال الفنون القتالية المختلطة يُكافح إدمانه.
وقد يحظى أداؤه هذا الدور بتقدير لجنة التحكيم، وكذلك قد يُكافأ تجسيد أماندا سيفريدي شخصية زعيمة حركة الشايكرز الدينية في القرن الثامن عشر في فيلم "ذي تيستامنت أوف آن لي" The Testament of Ann Lee، (شهادة/إنجيل آن لي) وربما يكون للفرنسي بنجامان فوازان نصيب عن دوره في "ليترانجيه" (الغريب) المقتبس عن رواية ألبير كامو الشهيرة التي تحمل نفس الاسم.
وكان الحضور الآسيوي بارزا أيضا، إذ عاد المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك إلى مهرجان البندقية بعد غياب عشرين عاما واستحوذ فيلمه "نو أذر تشويس" No other choice (لا خيار آخر) على الإعجاب، في حين شاركت النجمة التايوانية شو تشي بفيلمها "غيرل" Girl، وهو الأول لها كمخرجة.
لكن أحدا لا يعرف يقينا ما ستقرره لجنة التحكيم برئاسة المخرج الأمريكي ألكسندر باين، ولمن ستمنح الجوائز التي تنافس عليها 21 فيلما.
حضور قوي لغزة في المهرجان
وعلى الرغم من وفرة النجوم المشاركين في هذه الدورة من المهرجان، كان لحرب غزة حضور قوي في الموسترا. واتسم افتتاح مهرجان البندقية السينمائي برسالة مفتوحة كتبتها مجموعة "البندقية من أجل فلسطين" التي أسسها عشرة مخرجين إيطاليين مستقلين، تدين الحرب في قطاع غزة التي اندلعت إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأكد فابيو ماسيمو لوزي، أحد مؤسسي المجموعة، أن "الهدف من الرسالة كان وضع غزة وفلسطين في قلب الاهتمام العام في البندقية، وهذا ما حدث".
وترافَق انطلاق المهرجان بمشاركة الآلاف في مظاهرة في شوارع ليدو تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما عبّر فنانون عن دعمهم بوضعهم دبابيس وحملهم لافتات خلال مرورهم أمام عدسات المصورين على السجادة الحمراء.
وبعد توزيع الجوائز، يُختتم المهرجان بالفيلم الفرنسي "شيان 51" Chien 51 ذي الموازنة الضخمة، وهو فيلم تشويق تدور أحداثه في باريس مُستقبلية متخيَّلَة أوكل فيها حفظ النظام إلى الذكاء الاصطناعي. وتتولى بطولة هذا الفيلم الممثلة الفرنسية أديل إكزاركوبولوس.