يُقدم كتاب "اليمن، حروب المقايضات"، للصحفي الفرنسي رومان مولينا والباحثة اليمنية بثينة فاروق، رؤية شاملة ومروعة لما يحدث خلف الكواليس في البلد المحترب منذ اندلاع النزاع في 2014.
الكتاب، الذي يستند إلى عامين من الفحص والتحقيق الدقيق، يقدم صورة واقعية لصراع متعدد الأبعاد، يجتمع فيه النفوذ الإقليمي مع المصالح الاقتصادية الجشعة والجرائم الإنسانية.
ينطلق في فصوله من تفاصيل دقيقة لأحداث تاريخية ومواقف محورية ساهمت في تفجير الصراع الحالي، حيث يُظهر الدور الحاسم للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح في تمهيد الطريق لهذا الصراع المعقد. ويركّز على العلاقات المعقدة التي تربط بين القوى السياسية والعسكرية والقبلية المختلفة، سواء كانت جماعات محلية مثل الحوثيين، أو قوى إقليمية ودولية مثل السعودية والإمارات والولايات المتحدة وفرنسا.
وتكمن أهمية الكتاب في تقديمه تفاصيل مفزعة عن جرائم الحرب والانتهاكات التي طالت المدنيين الأبرياء في اليمن، ويستعرض جرائم جماعة الحوثي والتحالف العربي والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة. كما يكشف فساد وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي والذي أدى إلى إيصال آلاف الأطنان من الأغذية الفاسدة إلى اليمنيين المنكوبين.
ويستعرض الكتاب بالتفصيل كيف تم التلاعب بالحرب في اليمن، وكيف أصبحت البلاد ساحةً لصراعات القوى الإقليمية والدولية ذات أبعاد أخرى اقتصادية واجتماعية؛ منها على سبيل المثال تورط شركات مثل "توتال" الفرنسية في تمويل القاعدة، واستغلال الفوضى لنهب موارد البلاد الطبيعية، مثل النفط والغاز.
ومن أخطر ما يسلط الكتاب الضوء عليه، هو تدويل الحرب بمشاركة واسعة من مرتزقة من دول بعيدة عن اليمن، مثل كولومبيا والسودان، ما يعكس أن الصراع لم يعد مجرد قضية محلية أو إقليمية، بل صار جزءًا من شبكة دولية واسعة تسعى وراء المكاسب المالية والجيوستراتيجية.
"اليمن، حروب المقايضات" هو كتاب جريء يعرض قصة اليمن بعمق، ويركز على كشف النهب المنظم والصراعات المتشابكة التي حولت اليمن من "اليمن السعيد" إلى أحد أسوأ مناطق الكوارث الإنسانية في العالم. ويعد مرجعًا لا غنى عنه لكل من يرغب في فهم طبيعة الصراع في اليمن، وكيف أصبحت هذه البلاد ساحة للجشع الدولي، على حساب أرواح ومصائر الملايين من اليمنيين.