في خضم الحرب التي تمزق اليمن، يظل الفن وسيلة قوية للتعبير عن الجمال والوجع. الفنانة التشكيلية اليمنية "نظيرة حاتم"، واحدة من أولئك الذين يجسدون في لوحاتهم هذا الصراع، معبرة عن جمال وطنها ومعاناته في آن واحد.
وُلدت حاتم عام 1979، متزوجة وأم لخمسة أطفال. درست دبلوم تربية فنية وتصميم أزياء وجرافيكس، وعملت كمدرسة لتصميم الأزياء لمدة 12 عامًا. ورغم التحديات، نظمت عديد معارض مشتركة بالإضافة إلى معرض خاص بها أواخر العام الماضي، وهو ما يبرز إصرارها على متابعة شغفها الفني.
ليس مجرد هواية، بل وسيلة تعبير لا ترتبط بالعمر أو الظروف، كما تنظر للفن التشكيلي، الذي لم تتوقف عنه منذ صغرها، رغم صعوبات الحياة في اليمن. قدّمت لوحاتها خلال معرضها الأول "لمسة فن"، الذي ضم 32 لوحة من الألوان الزيتية والأكريليك، والذي تراه مجرد بداية لأعمال أكبر في المستقبل.
"الإبداع يمكن أن يولد في أي وقت ولا علاقة له بشيء آخر. بدأت الرسم مبكرًا، لكن الظروف في اليمن لم تكن مساندة لي. أقمت عدة معارض مشتركة مع زملاء منذ عام 2011، ولا يزال الشغف متوهجًا إذ أقمت معرضي الأول 'لمسة فن' وما هو إلا بداية لأشياء كثيرة في القادم"، تقول نظيرة.
بعض لوحات معرض "لمسة فن" حملت رسائل وطنية، مثل لوحة "بثينة" التي جسدت معاناة الطفلة بثينة، إحدى ضحايا الحرب في اليمن، التي كانت تحاول فتح عينيها لترى ما يجري حولها. اللوحة تبرز الألم الذي يعيشه الأطفال وسط النراع المستمر.
وتتسم أعمال نظيرة باستخدامها للألوان الترابية التي تعكس ارتباطها العميق بالأرض والطبيعة، كما تتجنب الألوان النارية الصاخبة، مفضلة الألوان الهادئة التي تعبر عن السلام والهدوء، وهو ما ينعكس في أعمال مثل لوحة "ريان والعالقون في البئر" التي تبرز معاناة الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
"الألوان الترابية تمنح لوحاتي طابعًا خاصًا يعكس جمال اليمن الطبيعي وهدوءه، بينما قد تكون الألوان النارية صاخبة ولا تتناسب مع الرسائل التي أود إيصالها كما هو الحال في لوحة ريان والعالقون في البئر والتي تشير إلى معاناة الأطفال في كل الوطن العربي"، تقول.
وترى أن "للفن دورًا إيجابيًا في قضايا المجتمع ومعاناته"، إلى جانب ما يعمله في "تنمية الحس الفني لدى المتلقي"، كونه "رسالة الأمل والجمال حتى في أحلك الأوقات"، مضيفة، "يمكن للفن أن يكون وسيلة للتغيير الاجتماعي والتوعية بالقضايا الهامة التي تؤثر على المجتمع".
وعلى الرغم من شحة الدعم، تتطلع حاتم إلى بيئة محفزة للإبداع وتسهيل المعاملات للفنانين.
"لم أجد أي دعم، لقد سندت نفسي بنفسي. لكن من المهم أن يحيط الفنان نفسه بالداعمين ويجد بيئة محفزة للإبداع وتسهيل المعاملات، خصوصًا من الجهات المختصة للتمكن من إقامة المعارض دون عناء"، تقول، مشيرة إلى أن "الدعم يمكن أن يأتي من المجتمع المحلي والمؤسسات الثقافية والحكومية"، ما يساعد "الفنانين على تحقيق إمكاناتهم الكاملة".
وتختتم رسالتها بمناشدة وزارة الثقافة للنظر في دعم الفنانين وتسهيل إقامة المعارض، ووزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في أهمية مادة التربية الفنية في المدارس.
"رسالتي إلى وزارة الثقافة، التي نسيت دورها تجاه الفنانين الذين يحملون همّ الوطن من خلال أعمالهم، النظر في عدم قدرة الفنان على عمل معرض في بيت الثقافة أو في الوزارة بفعل الرسوم الكبيرة! علمًا أن المجتمع اليمني لا يهتم بشراء أو اقتناء اللوحات الفنية!"، تقول، فيما وجهت رسالة إلى وزارة التربية والتعليم بإعادة المادة الفنية الملغاة.