لم يمض زمن طويل منذ كان يسهل التعويل على أن أفلام الأبطال الخارقين تملأ صالات السينما بالمشاهدين، إلا أن الجمهور ضجر بعد توالي كم كبير من الأفلام يكاد يصعب التمييز بين شخصياتها التي ترتدي أزياء الأبطال، فأصبحت هذه الأفلام مقامرة مالية، بعدما كانت في الغالب رهانات مضمونة.
تأمل هوليوود أن يغير فيلم (Deadpool & Wolverine) هذا الواقع. بدأ عرض الفيلم في دور السينما في نهاية يوليو، وهو مستند لقصص مجلات مصوّرة، ومصنف للكبار فقط إذ لا تخلو حواراته من الألفاظ النابية، ويُتوقع أن يحقق أفضل أسبوع افتتاحي في دور السينما المحلية بين كل الأفلام المعروضة هذا العام.
تقول "بوكس أوفيس برو" (Boxoffice Pro)، المتخصصة بتتبع أداء الأفلام، إن مبيعات التذاكر في الولايات المتحدة وكندا يُرجح أن تكون بين 180 مليوناً و200 مليون دولار.
"مارفل" والأبطال الخارقين
هذه أخبار سارة لاستوديو "مارفل"، التابع لشركة "والت ديزني" وصاحب أفلام مثل (Captain America) و(Hulk) و(Thor)، الذي واجه في الآونة الأخيرة سلسلة إخفاقات على شباك التذاكر.
يعود كلّ من راين رينولدز ليجسد شخصية البطل المقنّع سليط اللسان حامل سيف كاتانا، فيما يؤدي هيو جاكمان مجدداً شخصية المخرج المتحول من "إكس مين" في الجزء الثالث من ثلاثية (Deadpool).
إن ديدبول، البطل الخارق غير التقليدي، يعدّ من بين أكثر الشخصيات إدراراً للأرباح في هوليوود، فقد حقق أول فيلمين من إنتاج شركة "تونتييث سنتشوري" (20th Century) في 2016 و2018 إيرادات مجمعة من شباك التذاكر بلغت 1.57 مليار دولار.
لم يمض زمن طويل منذ كان يسهل التعويل على أن أفلام الأبطال الخارقين تملأ صالات السينما بالمشاهدين، إلا أن الجمهور ضجر بعد توالي كم كبير من الأفلام يكاد يصعب التمييز بين شخصياتها التي ترتدي أزياء الأبطال، فأصبحت هذه الأفلام مقامرة مالية، بعدما كانت في الغالب رهانات مضمونة.
تأمل هوليوود أن يغير فيلم (Deadpool & Wolverine) هذا الواقع. بدأ عرض الفيلم في دور السينما في نهاية يوليو، وهو مستند لقصص مجلات مصوّرة، ومصنف للكبار فقط إذ لا تخلو حواراته من الألفاظ النابية، ويُتوقع أن يحقق أفضل أسبوع افتتاحي في دور السينما المحلية بين كل الأفلام المعروضة هذا العام.
لقد حصلت"ديزني" على حقوق إنتاج الأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية لشخصيات (Deadpool) و(X-Men) في 2019 عند استحواذها على "تونتي فيرست سنتشوري فوكس" (21st Century Fox) مقابل 71.3 مليار دولار. وهي تعتبر هاتين الشخصيتين، إلى جانب سلسلة (Avatar) لجيمس كاميرون، أكثر عناصر الملكية الفكرية التي جلبتها الصفقة قيمة.
يُدخل فيلم (Deadpool & Wolverine) البطلين إلى عالم "مارفل" السينمائي الذي يضمّ مجموعة من 34 فيلماً ذات حبكات متداخلة، بدأت مع فيلم (Iron Man) في 2008 الذي حظي بإشادة النقاد، كما أن عدد هذا النوع من الأفلام آخذ بالارتفاع.
سلسلة إخفاقات
تطمح "وارنر برذرز ديسكفري" (Warner Bros. Discovery) بدورها لبناء عالم من الأبطال الخارقين. إذ أن تابعتها "دي سي استوديو" (DC Studios)، مالكة شخصيات باتمان وسوبرمان وووندر ومان، عينت في 2022 جيمس غَن، كاتب ومخرج أفلام (Guardians of the Galaxy) الناجحة من "مارفل"، وبيتر سفران الذي أنتج (Aquaman) من "دي سي"، من أجل بناء منظومة أفلام ومسلسلات تلفزيونية متداخلة.
الزخم الذي حظيت به "مارفل" في البداية شجعها على إصدار أربعة أفلام في السنة، وعشرات المسلسلات التلفزيونية، التي عرضتها عبر خدمة البث "ديزني+" التابعة الرئيسية للشركة الأم.
إلا أن بعض إنتاجها الأخير تعثر، فقد أخفق فيلم (Ant-Man and the Wasp: Quantumania) في تغطية تكلفة إنتاجه في فبراير 2023، بعد أن باع تذاكر أقل بكثير من الأجزاء السابقة، فيما سجل فيلم (The Marvels) في نوفمبر أدنى إيرادات في أسبوعه الافتتاحي، مقارنة مع جميع أفلام السلسلة.
بعد إطلاق خدمة البث في 2019، توالت مسلسلات وبرامج "مارفل" المنتجة لزيادة محتوى مكتبة "ديزني+"، لكنها تعرضت لانتقاد المشاهدين بسبب رداءة رسومات الكمبيوتر. كما أن الطلب على المحتوى التلفزيوني ألقى بكثير من الضغط على كاهل العاملين في مجال المؤثرات البصرية، لدرجة أنهم صوتوا بالإجماع على الانتظام في نقابة في سبتمبر للمطالبة بتحسين ظروف عملهم.
رئيس "ديزني" التنفيذي بوب إيغر، الذي جعل إصلاح استوديو الأفلام أولوية له منذ عودته إلى منصبه في نوفمبر 2022، عمد لتقليص عدد إنتاجات "مارفل" كي يحافظ على الجودة. كما عيّن فريقاً جديداً من منتجين مخضرمين لإنتاج المسلسلات المقبلة على منصة "ديزني+" بما فيها (Daredevil: Born Again) المرتقب في 2025. قال إيغر في آخر اتصال مناقشة أرباح "ديزني" في مايو: "سنقلل تدريجياً من حجم الإنتاج، فننتج حوالي مسلسلين في السنة بدل أربعة ونقلل إنتاج الأفلام من أربعة أفلام في السنة إلى اثنين، أو ثلاثة كحد أقصى".
تقليص عدد الأفلام
إن فيلم (Deadpool & Wolverine) هو أول إصدار من عالم "مارفل" السينمائي بعد خيبة فيلم (The Marvels)، الذي تجاوزت تكلفة إنتاجه 200 مليون دولار، وكبّد "ديزني" خسارة تفوق 100 مليون دولار. كما أن (Deadpool) سيكون فيلم عالم "مارفل" الوحيد الذي يصدر في 2024 بسبب التأخير في الإنتاج نتيجة إضرابات الكتاب والممثلين العام الماضي. لقد شهدت دور العرض ثلاثة أفلام من عالم "مارفل" السينمائي في 2023، وهي تزمع إصدار أربعة في 2025.
وفي مؤشر إلى إعادة هيكلة واسعة على امتداد القطاع، لن تصدر أي أفلام تستند إلى شخصيات "دي سي" من "وارنر برذرز" هذا العام للمرّة الأولى منذ أكثر من عقدين، وذلك بعد أن أصدرت "وارنر" ثلاثة أفلام أبطال خارقين: (The Flash) من "دي سي" و(Blue Beetle) و (Shazam) في 2023، وقد أخفقت جميعاً في شباك التذاكر.
يسعى مخرج (Deadpool & Wolverine) شون ليفي لإعادة أمجاد عالم "مارفل" السينمائي من خلال إضفاء أجواء من السخرية والتهكم إلى البطولات التقليدية، بدل الالتزام بصيغة البطل الطيب، وهي سمة غالبة في المجلات المصورة القديمة. حتى أن (Deadpool) يقول في أحد المشاهد: "عالمك السينمائي الصغير على وشك أن يتغير إلى الأبد"، منصّباً نفسه "مخلّصاً لـ(مارفل)".
مسار جديد لـ"ديزني"
تخرج "ديزني" في هذا الفيلم عن مسارها المعتاد. فقد خالفت تراث الأفلام اللطيفة عن الأميرات الذي اشتهرت به، إذ يتضمّن هذا الفيلم من الوقاحة ما يفوق ما جاء في الجزئين السابقين، وهو ما جعل (Deadpool) رائد هذه الفئة من الأفلام.
كما يتضمن (Deadpool & Wolverine) مشاهد دموية وهزلاً عن المخدرات، وكلّها أمور زادت من توقعات المحللين في القطاع بأن يحقق الفيلم في أسبوعه الافتتاحي ضعفَي مبيعات تذاكر فيلم (Joker) من إنتاج "وارنر" عام 2019، الذي جمع أكثر من مليار دولار، ليصبح الفيلم الأكبر ربحاً بين الأفلام المصنّفة للكبار فقط. يأتي (Deadpool 2) و(Deadpool) في المرتبتين الثالثة والرابعة على التوالي.
يمكن للانطلاقة الجيدة لفيلم (Deadpool & Wolverine) أن تسرّع عودة "ديزني" إلى مكانتها بعد عدة سنوات من تراجع الأداء. إذ أن قسم الأفلام السينمائية في الشركة لم يحقق أي أرباح منذ أبريل 2022، بعدما تكبد خسائر بسبب أفلام مثل (Lightyear) من تابعته "بيكسار" منتجة الرسوم المتحركة، و(Indiana Jones and the Dial of Destiny) من وحدة "لوكاس فيلم" و(Haunted Mansion). إلا أن الشركة سجلت بعض التعافي هذا العام من خلال فيلم (Kingdom of the Planet of the Apes) وفيلم (Inside Out 2) من "بيكسار"، الذي جمع أعلى إيرادات على شباك التذاكر هذا العام، محققاً مبيعات بقيمة 1.46 مليار دولار.
يمكن أن يقود فيلم (Deadpool & Wolverine) "مارفل" نحو مسار جديد ومدرّ للأرباح، بعيداً عن الأفلام المألوفة الأكثر انضباطاً. ولعلّ شخصية (Deadpool) أفضل من عبّر عن هذا التغيير في أحد المشاهد حيث يعتقد خطأً أن هراوات مهاجميه هي أدوات شخصية حميمية، فيعلّق متهكماً أن هذا أمر جديد على "ديزني"، فيما تأمل كلّ من "مارفل" وشركتها الأم أن يكون رواد السينما على استعداد لهذا التغيير.