فن: أغنية "بردان.. بردان" الحب في الروح مشى رعَّاش
يمن فيوتشر - خيوط الأحد, 24 ديسمبر, 2023 - 10:39 صباحاً
فن: أغنية

هناك مجموعة من الأغاني التي كتب كلماتها الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان، وخصّ بها الفنان عبدالباسط عبسي، منها: "من الضحى حتى قدوم الأصيل"، و"من مبسم الفجر"، و"طعْمه قُبَلْ"، و"يا حبّ يا أرضي ويا سمائي"، و"هاتوا لقلبي كل طل الصباح"، و"يا حب يا ضوء القلوب البيض"، و"وداعة الله"، و"خطر قبالي والمليح يعرف"، و"حسنك لعب بالعقول"، و"برْدان.. برْدانْ" وهي آخرها.

 

تقول كلمات الأغنية:

 

بردان بردان أين الحب يدفيني

يا برد كانون يكفيني الذي فيني

بردان والحب وسط الثلج يضنيني

 

ليت الحزيران في كانون يأتيني

            * *بردان والحب في روحي مشى رعَّاش

 

بردان بالشمس حتى الشمس ما تحماش

غيري دفي فيها وعندي دفئها ما جاش

دفي بها الناس والأطيار في الأعشاش

 

روحي بغيرك حبيب القلب ما تدفاش

            * *أين أنت مِنِّي تدفِّيني وتُدفيني

 

ما شاش حتى جنان الخُلد تأويني

إلَّا إذا كان فيها حب يكفيني(1)‍

 

عن الشاعر

من مواليد قرية ذبحان بالقرب من مدينة التربة، مركز مديرية الحجرية، في العام 1918، ووالده هو قائم مقام الحجرية، درس في زبيد وعلى يد ابن عمه الأستاذ أحمد محمد النعمان، والأستاذ محمد أحمد حيدرة في مدرسة ذبحان، وبعد عودة الأستاذ النعمان من مصر إلى تعز أوائل 1941، وانضمامه إلى طاقم ولي العهد، انتقل الفضول إلى تعز حيث عمل مدرسًا في المدرسة الأحمدية حتى العام 1944، حين التحق من جديد بابن عمه الذي فر إلى عدن، وكان معه من أوائل مؤسسي حزب الأحرار اليمنيين.

 

في عدن عمل معلمًا لمادة اللغة العربية في مدرسة بازرعة الخيرية، في منطقة العيدروس، ثم ترك التدريس في العام 1946، وعمل في صحيفة "صوت اليمن" الناطقة باسم الجمعية اليمنية الكبرى، التي بدأ منها كتابة المقالات الساخرة التي تتهكم على نظام الإمامة، بالإضافة إلى كتاباته السياسية في جريدة فتاة الجزيرة بتوقيع "يمنيّ بلا مأوى" وكتابة الشعر. وبعد فشل ثورة 1948 الدستورية، أصدر صحيفة الفضول لمدة خمسة أعوام، وإن بشكل غير منتظم، حتى أغلقتها الحكومة الاستعمارية بضغوط من حكومة الإمام.

 

انقطع عن الكتابة الصحافية، وعن كتابة الشعر لسنوات طويلة، حيث فضَّل الاشتغال بمهن حرة مختلفة، وبقي متنقلًا بين عدن وتعز وصنعاء، حتى العام 1966، حيث تم اعتقاله في سجن القلعة بصنعاء ضمن مجموعة من السياسيين المعارضين للتدخل المصري في الشؤون الداخلية، وبالتزامن مع الاعتقال الشهير للرموز السياسية اليمنية وحكومة حسين العمري في السجن الحربي بالقاهرة، ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد نكسة 1967.

 

في هذه الفترة تقريبًا عاود الفضول كتابة الشعر، بل وكتابة القصيدة الغنائية بشكل مكثف، بعد أن كانت بالنسبة له نوعًا التنفيس، على نحو قصيدة شبان القبيلة التي لحنها في وقت مبكر (1964) الفنان محمد مرشد ناجي، وغنتها الفنّانة فتحية الصغيرة، والفنان محمد صالح عزاني في وقت لاحق، وأغنية "رح لك بعيد" التي لحّنها لمنى علي الفنان علي الآنسي، وغنتها مع أيوب طارش منتصف الستينيات(2).

بعد ذاك، شكّل ثنائيًّا مع الفنان أيوب طارش عبسي، فأنتجا معًا الكثير من الأغاني العاطفية والأناشيد الوطنية الخالدة، وعلى رأسها النشيد الوطني. 

تُوفّي في 5 يوليو 1982، بتعز ودُفِنَ في مسقط رأسه بذبحان.

 

عن الفنان

وُلد الفنان عبدالباسط عبسي في قرية (الظَّهْر) في عزلة (الأَعْبوس) محافظة تعز. درس المرحلة الابتدائية في قريته، ثم انتقل إلى مدينة عَدَن، فدرس فيها عامًا واحدًا في معهد (النور) العلمي، ثم انتقل إلى مدينة الحُدَيْدة، وظلَّ يتنقّل بينها وبين مدينة تَعِز، حتى أكمل المرحلة الثَّانويّة.

عُيّن موظّفًا إداريًّا في البنك اليَمَنيّ للإنشاء والتعمير عام 1976، وبدأ يمارس فن الغناء منذ بداية سبعينيات القرن العشرين، واتّجه في أدائه الغنائي اتجاهًا شعبيًّا استحضر فيه الأجواء الاجتماعية لمحافظة تَعِز بالذات، فغنّى للراعية، وللمطر، ولمواسم الزِّراعة المختلفة، وللمغتربين، ونقد في كثير من أغانيه الظلمَ والإجحاف الذي يتعرّض له المزارع اليَمَنيّ، وبعض المظاهر الاجتماعية الخاطئة، مثل: غلاء المهور، والظلم الذي تتعرّض له المرأة اليَمَنيّة، ومزجَ في كثير من أغانيه بين هذه الألوان، وبين اللون العاطفي.

 

الأعمال الفنية

ومن أشهر أغانيه في هذا المجال: أغنية (مسعود هجر)، وأغنية (يا خَضبان وردك)، وأغنية (مظلوم معك)، وأغنية (وا قمري غرّد)، و(أمرّ الكؤوس)، ومن أشهر الشّعراء الذين كتبوا له النّصوص الغنائية في هذا المجال: الدكتور (سلطان الصريمي)، و(عبدالرّب المقطري)، و(أَحْمد الجابريّ)، و(مُحَمَّد عبدالباري الفتيح).

 

كما كتب له بعض النّصوص الغنائية ذات المنزع الرومانسي الشّاعر الكبير (عبدالله عبدالوهاب نعمان)، المعروف بـ(الفضول)، فبلغ بها عبدالباسط عبسي غاية من التطريب، وحسن الأداء.

ومن هذه الأغاني: (من الضحى حتى دنوِّ الأصيل)، و(من مبسم الفجر)، و(طعْمه قُبَل)، و(يا حبّ يا أرضي ويا سمائي)، و(هاتوا لقلبي كل ضوء الصباح)، و(بَرْدان، بَرْدان، أين الحب يدفيني).

على أنّ ذلك لم يمنعه من أداء أغاني اللونين: التِّهاميّ والصنعاني، فقد غنّى في هذا المجال عددًا من الأغاني، ولاقت قبولًا واسعًا لدى جمهور الغناء اليَمَنيّ. كوّن صاحب التّرجمة لنفسه جمهورًا عريضًا، وخاصة في أرياف وقرى محافظة تَعِز، وأصدر أكثر من ثلاثين شريط كاسيت، وسجّل للإذاعة والتلفزيون عددًا من أغانيه، ويعدّ مدرسة متميّزة من مدارس الغناء اليَمَنيّ في العصر الحديث، بخاصة أنّه قام بتلحين العدد الأكبر من أغانيه ألحانًا انتزعها من الموروث الشّعبي الغنائي، وجمع فيها بين الأصالة والتفرّد(2).

 

المصادر:

1- موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين، دائرة التوجيه المعنوي، صنعاء، 2005، الجزء السادس، ص265-266.

2- ينظر: https://www.khuyut.com/blog/husnak-laeb-beluqool 

 


كلمات مفتاحية:

عبد الباسط عبسي فن الفضول
التعليقات