فن: "حرام عليك تقفل الشباك".. من أغاني التأسيس الرائدة للون العدني
يمن فيوتشر - خيوط الجمعة, 15 ديسمبر, 2023 - 11:01 صباحاً
فن:

لا يختلف اثنان في أنّ أغنية "حرام عليك تقفل الشّبّاك" هي من أغاني التأسيس الرائدة للون الغنائي العدني، الذي بزغ مع نشاط الندوة الموسيقية العدنية التي ظهرت في العام 1949، وكان من أعمدتها كاتب الكلمات الشاعر محمد عبده غانم، والفنان والملحن خليل محمد خليل، ولا تزال هذه الأغنية واحدة من الأيقونات الطربية في اليمن.

يقول محمد عمر بحاح عن هذا التكوين: "البذرة التي ألقى بها في تربة عدن القابلة للخصب، الرائدان (غانم – خليل) سرعان ما لقيت آخرين يرعونها، يسقونها، لتثمر وتكون منطلقًا لأعمال فنية أخرى، اتخذ منها أصحابها، أساسًا لأعمالهم الغنائية الجديدة. فطبعوا فترة الخمسينيات من القرن العشرين وما تلاه بطابعها الذي يصب في طابع الأغنية التجديدية. وهكذا ستظهر إلى الوجود رابطة الموسيقى العدنية عام 1951، إلى جانب ندوة الموسيقى العدنية التي تأسست في سنة 1949" 

تقول كلمات الأغنية:

حرام عليك تقفل الشباك

والقلب يا صاحبي يهواك

والعين تنظر وتتمناك

حرام عليك تقفل الشباك

إن قلت بَاصْبر عليك يا زين

ما أقدر على فرقتك يومين

الصبر ذا سيف أبو حدين

حرام عليك تقفل الشباك

نسيت أيام ما كنّا

نشرب ونلعب ونتهنّا

والعود يقرع على المغنى

حرام عليك تقفل الشباك

نسيت يا خل ما قد كان

بيني وبينك من الإحسان

ما هكذا تفعل الخلان

حرام عليك تقفل الشباك

يا ورد يا فل نيسانيّ

متى يعود حبنا ثاني

حاشاك يا خل تنساني

حرام عليك تقفل الشباك

                     * * *

عن الفنان: 

يقول الموثق الموسيقي أمين درهم عن الفنان خليل محمد خليل: "ولد في كريتر، مدينة عدن، في العام 1917، يقول الأستاذ خالد صوري في كتابه (خليل محمد خليل؛ حياته، فنه وعصره)، أتم خليل دراسته الابتدائية في مدرسة (الرسيدينسي) في سن الحادية عشرة. كان زملاؤه في المدرسة في تلك الفترة: يوسف حسين السعيدي، وعلي عبدالله جابر، وعبدالرحيم لقمان، وعبدالله سالم باسودان، وحمزة علي لقمان، وغيرهم، وكان مدير المدرسة عطا حسين.

وكان معروفًا عنه أنه رياضي من الدرجة الأولى، وكان مغرمًا بلعب كرة القدم والكريكيت والهوكي. وفي المدرسة نفسها أكمل الفنان خليل محمد خليل دراسته الإعدادية والثانوية، وتحصل على الشهادة في اللغة الإنجليزية، وكان عمره آنذاك 19 سنة.

بعد تخرجه شغل الميجر خليل أول وظيفة له، وهي (كاتب بمكتب الاستشارية) في المكلا، في العام 1936، بمرتب ستين روبية في الشهر.

وفي ديسمبر 1948، أسّس الفنان خليل محمد خليل مع بعض أصدقائه تجمّع أُطلق عليه (الندوة الموسيقية العدنية).

وكان من مؤسسي تلك الندوة: خليل محمد خليل، علي سالم علي، الدكتور محمد عبده غانم، وديع سالم حميدان، الشيخ عبدالله حامد خليفة، عبده محمد ميسري، عبدالله بلال، ياسين شوالة، وغيرهم. وكانت باكورة إنتاجه الفني هي أغنية (يا حياتي) كلمات الشاعر الدكتور محمد عبده غانم، ثم تبعتها ألحان أخرى، مثل: (كلام العين، حرام عليك تقفل الشباك)، وتوالت بعدها الألحان وكان لها طابع جديد في تركيبها.

تميزت ألحان خليل بالفرائحية والإيقاعية، وأخدت مداها في الشغف الشعبي لتصبح نوعًا من الأغنيات المتميزة التي تشكّل عنوانًا للغناء العدني. هذا العطاء أهّله ليترأس الندوة الموسيقية العدنية، حيث وصفه الأستاذ علي أمان، قائلًا: "إنّ الفنان خليل محمد خليل هو بلا شك رائد الحركة الموسيقية الجديدة في عدن، وإن الكلمات التي ينتقيها لأغانيه لَتشعُّ بهذه الروح العدنية الحميمية التي يتحلى بها الأستاذ خليل محمد خليل، والتي يجب أن يرتكز عليها فننا الغنائي العدني".

كما قال خالد صوري في كتابه عن شخصية الفنان خليل محمد خليل: «كان خليل أشبه بكتاب مفتوح، سهل في التعامل، ويمتاز بخصال حميدة، أهمها الوفاء للأصدقاء، ودائم السؤال عنهم في حال غاب أحدهم. وكان أشد ما يكره الغيبة والنميمة، مهذب خالٍ من العنف والقسوة، وصريح في كل معاملاته مع الناس. من ذكريات خليل الجميلة التي ذكرها الأستاذ خالد صوري في كتابه، أن والده كان يأمره بأخذ "كِتلي" (إبريق) كبير مليء بالقهوة "المزغول" إلى مسجد حسين الأهدل كل ليلة خميس بعد صلاة العشاء لتوزيعها على الحضور.

الفنان خليل محمد خليل كان مثار اهتمام الصحافة المحلية والبريطانية إبان الاحتلال وبعده، إذ كانت شخصية الفنان والعسكري قد برزت، فوصفه الكاتب فاروق لقمان في إحدى مقالاته بقوله: "طويل جميل ذو ملامح تركية… مشرف السجن يتجه إلى الموسيقى".

لم يكن الفنان خليل قبل وفاته يخفي امتنانه لإذاعة البي بي سي (هيئة الإذاعة البريطانية)، التي أسهمت بشكل كبير في بروزه وبزوغ نجمه الفني، بتسجيل أغانيه أوائل الستينيات.

توفي في عدن، فجر الجمعة، 8 مارس 2009، عن عمر ناهز الـ92 عامًا".

عن الشاعر:

وُلدَ الدكتور محمد عبده غانم في 15 يناير 1912، في عدن، وتُوفِّي في 9 أغسطس 1994، في صنعاء، ودُفن فيها. درس في مدارس عدن، وتخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت، في العام 1936، ونال درجة دكتوراة في الفلسفة في آداب اللغة العربية من جامعة لندن، عام 1969.

تدرج في الوظيفة العامة من تدريس العربية والإنجليزية بمدارس عدن الثانوية (1937-1945)، إلى مفتش دائرة المعارف في كل مراحل التعليم بعدن (1945-1956)، ثم وكيلًا لمدير المعارف بعدن (1957-1960)، فمديرًا للمعارف بعدن (1960-1963)؛ ثم رئيسًا لمجلس إدارة ميناء عدن (1967-1969).

انتقل إلى جيبوتي في 1972، حيث عمل في إحدى الشركات التجارية، ثم إلى السودان، حيث عمل في جامعة الخرطوم بين 1974 و1977، قبل أن يستقرّ في صنعاء أستاذًا للأدب العربي وعميدًا لكلية التربية بجامعتها بين (1977-1980)، فمستشارًا ثقافيًّا في سفارة اليمن في دولة الإمارات العربية المتحدة (1980-1984).

كان من مؤسسي ندوة الموسيقى العدنية عام 1949، وكتب كلمات أول أربع أغنيات عدنية ثم كان من مؤسِّسي رابطة الموسيقى العدنية عام 1951، وغنّى له عددٌ كبير من الفنّانين اليمنيّين أكثر من 50 أغنية، منهم: خليل محمد خليل، سالم بامدهف، ومحمد سعد عبدالله، وأحمد بن أحمد قاسم، وفرسان خليفة، وأيوب طارش.

من مؤلفاته الشعرية: على الشاطئ المسحور، موج وصخر، حتى يطلع الفجر، في موكب الحياة، في المركبة، الموجة السادسة، الأنامل الجافة، حمينيات صدى صيرة (كلمات الأغاني باللهجة العدنية).

ويبقى كتابه "شعر الغناء الصنعاني" الصادر بطبعته الأولى، العنوانَ الأبرز في مؤلفاته الأكاديمية. ويعتبر الشاعر محمد عبده غانم من أبرز شعراء الأغنية اليمنية؛ لدوره في تأسيس لونٍ غنائيّ اقترن بمدينة عدن.

 


التعليقات