لا يعد هذا الحدث عابراً وتقليدياً لان موريتانيا هذا البلد الافريقي المغاربي الغربي غالباً ما كان مهمشاً إلى حد كبير. وسيمنحه هذا اللقب تعريفاً به وربما يدفع البعض لاكتشافه والتعريف به .
ومما لا شك فيه ان انصاف برنامج إيسيسكو لنواكشوط، يعتبر اعترافاً ولو متأخراً بما لموريتانيا من باع طويل في الشعر والأدب والفقه والنحو والصرف. ولم يكن عبثاً أن يطلق على موريتانيا لقب " بلاد المليون شاعر وورد ذلك لأول مرة في تحقيق صحفي أجرته مجلة "العربي" الكويتية في إبريل عام 1967.وارتبط ذلك باندهاش زوار البلاد بفصاحة الموريتانيين واتقانهم اللغة العربية السليمة ، وخبرتهم بالشعر نظماً وإنشاداً.
ومن الملاحظ ان لقب "بلاد المليون شاعر" يحمل مبالغة كبيرة، خاصة ان البعض داخل موريتانيا وخارجها ركز على تسببه بالحرج للموريتاني العادي كما لكبار الادباء والشعراء والمثقفين . لكن هذا النقاش بحد ذاته يبين اهمية الثقافة في هذا البلد حيث اعتبر البعض وكأن الشعر اخذ يتبرأ مكانة رفيعة داخل المجتمع الموريتاني المتدين.
تجدر الاشارة الى أن اهتمام المجتمع الموريتاني بالشعر فرضته اللغة الشفهية المستعملة في المجتمع البدوي، الذي كان الشعر فيه وسيلة حفظ العلوم والتعاليم الدينية والاحاديث مع عدم وجود سبل اخرى للتوثيق.
ومن الاسباب الاخرى لولع الموريتانيين بالشعر ربطه بالهوية العربية بالنسبة لفئة كبيرة من الموريتانيين أتت من شبه الجزيرة العربية ، ومن هنا قال احدهم: "أجاد الموريتانيون الانتماء شعراً إلى أمتهم، كما لم يفعل أي من عرب الأطراف".
وتمتلك القبائل الموريتانية كثيرًا من الخصائص الثقافية التي تميزها عن غيرها، مثل حب العلم والاشتغال به وتوارثه والاشتهار به؛ ومن ذلك شهرة القبائل الجنكية، فيقال: «العلم جنكي» ومن العادات القبلية المشهورة، التباري في حفظ الكتب والمتون.
والارجح ان اختيار نواكشوط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي العالم 2023 سيكون فرصة للمدينة لتقديم نفسها للعالم كحاضنة للثقافة ومصدر إشعاع. وأبرز ما ستشرف عليه الإيسيسكو من أنشطة ثقافية على مدار العام سيشمل حفظ وتثمين المواقع التراثية والعناصر الثقافية المسجلة على لائحة الإيسيسكو للتراث في العالم الاسلامي، والمساهمة في ترميم عدد من المواقع التراثية، وإطلاق منتدى الإيسيسكو للشعراء الشباب.